ولقد مر بنا سنة أربع وثمانين وخمس مائة رجل جمع بين العلم والتصوف وكان من ذوي الأقدار وأبوه صاحب توريز فأعرض هو عن فن أبيه واشتغل بالعلم والعمل وحج ووصل زائراً لبيت الله المقدس ولما قضى لبانته منه ورأى آثار السلطان رحمه الله فيه وقع له زيارته فوصل إلينا إلى المعسكر المنصور فما أحسست به إلا وقد دخل علي في الخيمة فلقيته ورحبت به وسألته عن سبب ذلك ووصوله فأخبرني بذلك وأنه يؤثر زيارة السلطان لما رأى له من الآثار الحميدة الجميلة فعرفت السلطان بذلك في ليلة وصول هذا الرجل فاستحضره وروى عنه حديثاً ثم انصرفنا وبات عندي في الخيمة فلما صليت الصبح أخذ يودعني فقبحت له المسير بدون وداع السلطان فلم يلتفت ولم يلو على ذلك وقال قد قضيت حاجتي منه ولا عرض لي فيما عدا رؤيته وزيارته وانصرف من ساعته ومضى على ذلك ليال فسأل السلطان عنه فأخبرته بفعله فظهر عليه آثار الغضب كيف لم أخبره برواحه وقال كيف يطرقنا مثل هذا الرجل وينصرف عنا من غير إحسان يمسه منا وشدد النكير علي في ذلك فما وجدت بداً من أن أكتب كتاباً إلى محيي الدين قاضي دمشق كلفته فيه السؤال عن حال الرجل وإيصال رقعة كتبتها إليه طي كتابي أخبره فيها بإنكار السلطان رواحه من غير اجتماعه به وحسنت له فيها العود وكان بيني وبينه صداقة تقتضي مثل ذلك فما أحسست به إلا وقد عاد إلي فرحب به السلطان وانبسط معه وأمسكه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015