ثم دخلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة والسلطان بدمشق على أكمل ما يكون من المسرة وخرج إلى شرقي دمشق متصيداً وغاب خمسة عشر يوماً وصحبته أخوه الملك العادل ثم عاد إلى دمشق وودعه أخوه الملك العادل وداعاً لا لقاء بعده فمضى إلى الكرك وأقام به حتى بلغه وفاة السلطان وأقام السلطان بدمشق وركب في يوم الجمعة خامس عشر صفر وتلقى الحجاج وكان عادته أن لا يركب إلا وهو لابس كزاغند فركب ذلك اليوم وقد اجتمع بسبب ملتقى الحجاج وركوبه عالم عظيم ولم يلبس الكزاغند ثم ذكره وهو راكب فطلب الكزاغند فلم يجده قد حملوه معه ولما التقى الحجاج استعبرت عيناه كيف فاته الحج ووصل إليه مع الحجاج ولد أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن ثم عاد السلطان بين البساتين إلى جهة المنيبع ودخل إلى القلعة على الجسر وكانت هذه آخر ركباته فلحقه ليلة السبت سادس عشر صفر كل عظيم وغشيته نصف الليل حمى صفراوية وأخذ المرض في التزايد وقصده الأطباء في الرابع فاشتد مرضه وحدث به في التاسع رعشة وغاب ذهنه وامتنع من تناول المشروب واشتد الإرجاف في البلد وغشي الناس من الحزن والبكاء عليه ما لا يمكن حكايته وحقن في العاشر حقنتين فحصل له راحة وتناول من ماء الشعير مقداراً صالحاً ثم لحقه عرق عظيم حتى نفذ من الفراش واشتد المرض ليلة الثاني عشر من مرضه وهي ليلة السابع والعشرين من صفر وحضر عنده الشيخ أبو جعفر إمام الكلاسة ليبيت عنده في القلعة بحيث إذا احتضر في الليل ذكره بالشهادة وتوفي السلطان في الليلة المذكورة أعني في الليلة المسفرة عن نهار الأربعاء السابع والعشرين من صفر بعد صلاة الصبح وبادر القاضي الفاضل بعد صلاة الصبح فحضر وفاته ووصل القاضي بهاء الدين بن شداد بعد وفاته وانتقاله إلى رحمة الله تعالى وكرامته وغسله الفقيه الدولعي خطيب دمشق وأخرج بعد صلاة الظهر من نهار الأربعاء المذكور في تابوت مسجي بثوب وجميع ما احتاجه من الثياب في تكفينه أحضره القاضي الفاضل من جهة حل عرفها وصلى الناس عليه ودفن في قلعة دمشق في الدار التي كان مريضاً فيها وكان نزوله إلى جدثه وقت صلاة العصر من النهار المذكور.