ولما توفي شيركوه كان معه صلاح الدين يوسف ابن أخيه أيوب بن شاذي وكان قد سار معه على كره وكان قد قال شيركوه بحضرته يا يوسف تجهز للمسير فقلت والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها فلقد قاسيت بالإسكندرية ما لا أنساه أبداً، فقال نور الدين لابد من مسيره معي فأمرني نور الدين وأنا استقيل، فقال نور الدين لابد من مسيرك مع عمك، فشكوت الضائقة، فأعطاني ما تجهزت به فكأنما أساق إلى الموت، ولما مات شيركوه طلب جماعة من الأمراء النورية التقدم على العسكر وولاية الوزارة العاضدية منهم عين الدولة الياروقي وقطب الدين ينال المنبجي وسيف الدين علي بن أحمد المشطوب الهكاري وشهاب الدين محمود الحاوي وهو خال صلاح الدين فأرسل العاضد أحضر صلاح الدين وولاه الوزارة ولقبه بالملك الناصر فلم تطعه الأمراء المذكورون، وكان مع صلاح الدين الفقيه عيسى الهكاوي فسعى إلى المشطوب حتى أماله إلى صلاح الدين، ثم قصد الحارمي وقال هذا ابن أختك وعزه وملكه لك فمال إليه أيضاً ثم فعل بالباقين كذلك فكلهم أطاع غير عين الدولة الياروقي فإنه قال أنا لا أخدم يوسف وعاد إلى نور الدين بالشام، وثبت قدم صلاح الدين على أنه نائب نور الدين، وكان نور الدين يكاتب صلاح الدين بالأمير الإسفهسلا ويكتب علامته على رأس الكتاب تعظيماً عن أن يكتب اسمه وكان لا يفرده بكتاب بل إلى الأمير صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا وكذا، ثم أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أباه أيوب وأهله، فأرسلهم إليه نور الدين، فأعطاهم صلاح الدين الإقطاعات بمصر وتمكن من البلاد وضعف أمر العاضد. ولما فوّض الأمر إلى صلاح الدين تاب عن شرب الخمر وأعرض عن أسباب اللهو وتقمص لباس الجد ودام على ذلك إلى أن توفاه الله تعالى. قال ابن الأثير مؤلف كتاب الكامل: رأيت كثيراً ممن ابتدأ الملك ينتقل إلى غير عقبه فإن معاوية تغلب وملك فانتقل الملك إلى بني مروان، ثم بعده إلى ملك السفاح من بني العباس فانتقل الملك إلى عقب أخيه المنصور ثم السامانية، أول من ابتدى بالملك نصر بن أحمد فانتقل الملك إلى أخيه إسماعيل وعقبه ثم عماد الدولة بن بويه ملك فانتقل الملك إلى عقب أخيه ثم شيركوه ملك فانتقل