وفي هذه السنة سيّر نور الدين محمود بن زنكي عسكراً مقدمهم أسد الدين شيركوه بن شاذي إلى الديار المصرية ومعهم شاور وكان قد صار من مصر هارباً من الضرغام الوزير، فلحق شاور بنور الدين واستنجده وبذل له ثلث أموال مصر بعد رزق جندها إن أعاده إلى الوزارة، فأرسل نور الدين شيركوه إلى مصر فوصل إليها وهزم عسكر ضرغام عند قبر السيدة نفيسة، وأعاد شاور إلى وزارة العاضد العلوي، ثم غدر شاور بنور الدين ولم يف له بشيء مما شرط، فسار شيركوه واستولى على بلبيس والشرقية، فأرسل شاور يستنجد الإفرنج على إخراج أسد الدين شيركوه من البلاد، فسار الإفرنج واجتمع معهم شاور بعسكر مصر وحصروا شيركوه ببلبيس، ودام الحصار ثلاثة أشهر، وبلغ الإفرنج حركة نور الدين وأخذه حارم، فراسلوا شيركوه في الصلح وفتحوا له، فخرج من بلبيس بمن معه من العسكر وسار بهم ووصلوا الشام سالمين.
وفي هذه السنة في رمضان فتح نور الدين محمود حارم، وأخذها من الإفرنج بعد مصاف جرى بين نور الدين والإفرنج انتصر فيه نور الدين وقتل وأسر عالماً كثيراً، وكان من جملة الأسرى البرنس صاحب أنطاكية والقومص صاحب طرابلس وغنم منهم المسلمون شيئاً كثيراً. وفي هذه السنة أيضاً في ذي الحجة سار نور الدين إلى بانياس وفتحها وكانت بيد الإفرنج من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة إلى هذه السنة. ثم دخلت سنة إحدى وستين وخمسمائة وفيها فتح نور الدين محمود حصن المنيظرة من الشام وكان بيد الإفرنج.