الأَرْضَ لأَنَّهُ بَطِرَ وَأَشِرَ، واسْتَكْبَرَ ولم يَبْتَعِ بهذا المَالِ ثَوابَ اللهِ، وجَزَاءَهُ في الدَّارِ الآخِرَةِ.
وَيَقُولُ تَعَالى إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ بَني إِسرائيلَ (وَقَالَ بعضُ المُفَسِّرينَ إِنَّهُ كَانَ مِنْ أقرِباءِ مُوسَى عَليهِ السَّلامُ)،وَقَدْ آتاهُ اللهُ كثيراً منَ المَالِ، حَتَّى إِنَّ مَفَاتَيِحَ خَزَائِنِ أمْوَالِهِ لَيَصْعُبُ عَلَى الجَمَاعَةِ حَمْلُها لِكَثْرَتِهَا، وَثِقلِ وَزْنِها، فَطَغَى وَبَغَى، وَبَطِرَ، وَتَكَّبرَ، فَقَالَ لبهُ قَومُهُ ناصِحِينَ: لا تَبْطَرْ، ولا تَفْرَحْ بمَا أَنتَ فيهِ من النَّعمَةِ والمَالِ، لأَنَّ اللهَ تَعَالى لاَ يًُحِبُّ البَطرِينَ الأَشِرِينَ، الذين لا يَشكُرونَ اللهَ عَلَى نِعَمِهِ وآلائِهِ، وَتَنْسِيهمُ الدُّنيا والآخِرَةَ.
واسْتَعْمِلْ مَا وَهَبكَ اللهُ مِنَ المَالِ الجَزيلِ، والنَّعمَةِ الطَّائِلَةِ، في طَاعَةِ رَبِّكَ، والتَّقَرُّبِ إليهِ، ولا تَنْسَ حَظَّكَ (نَصِيبَكَ) مِنَ الدُّنيا، ممَّا أَبَاحَهُ اللهُ فيها لِعِبادِهِ، مِنَ المَآكِلِ والمَشَارِبِ والمَلاَبِسِ وغَيرها .. فإِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيكَ حَقّاً، وَلِنَفَسِكَ عَليكَ حَقّاً، .. فَآتِ كُلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ. وأحْسِنْ إِلى خَلْقِ اللهِ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ولا يَكنْ هَمُّكَ الإِفسَادَ في الأَرضِ، والإِساءَةَ إلى خَلْقِ اللهِ، إنّ الله لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ.
فَأَجَابَ قَارُونَ نَاصِحِيهِ مِنْ قَومِهِ: إِنَّهُ لا يَفْتَقِرُ إلى مَا يَقُولُونَ، فإِنَّ الله إِنَّما أعطَاهُ هذا المَالَ لِعلمِهِ بأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ، وَلأَنَّهُ يُحِبّهُ. ويَرُدّ اللهُ تَعَالى عَليهِ قائِلاً: إِنَّهُ كَانَ قَبلَ قَارُونَ أُناسٌ كثيرونَ أكثرُ منهُ