وَكَانَ فِرْعَوْنُ يَقْصدُ بِهَذَا النِّدَاءِ تَثْبِيتَهُمْ فِي طَاعَتِهِ، وَصَرْفَهُم عَنِ التَّأَثُّرِ بِمُوسَى وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الآيَاتِ.
وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِقَوْمِهِ، بَلْ إِنَّهُ (أم) خَيْرٌ مِنْ مُوسَى الذِي هُوَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ (مَهِينٌ)،وَهُوَ عَيِيُّ اللِّسَانِ يَكَادُ لاَ يَسْتَطِيعُ التَّعْبِيرَ والإِفْصَاحَ عَمَّا يُرِيدُ قَوْلَهُ. فَهَلاَّ أَلْقَى إِلَيْهِ رَبُّهُ أَسَاورَ مِنْ ذَهَبٍ يَتَحَلَّى بِهَا إِنْ كَانَ صَادِقاً فِيمَا يَدَّعِيهِ، وَهَلاَّ جَاءَ مَعَهُ المَلاَئِكَةُ مُتَتَابِعِينَ مَتَقَارِنِينَ (مُقْتَرِنِينَ).يُعِينُونَهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَيَشْهَدُونَ بِالنُّبُوَّةِ، وَيَمْشُونَ مَعَهُ.
فَاسْتَخَفَّ فِرَعَوْنُ عُقُولَ قَوْمِهِ بِهَذِهِ الحُجَجِ الوَاهِيةِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الضَّلاَلَةِ فَاسْتَجَابُوا لَه طَائِعِينَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً غَاوِينَ ضَالّينَ، خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى.
فَلَمَّا أَغْضَبُونَا بِعِنَادِهِمْ وَاسْتِكْبَارِهِمْ وَبَغْيِهِمْ فِي الأَرْضِ انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَعَجَّلَنَا لَهُم العُقُوبَةَ، وَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ.
فَجَعَلْنَاهُمْ قُدْوَةً لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الكُفْرِ والضَّلاَلَةِ، وَعِبْرَةً وَمَوْعِظَةً لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنَ الكَافِرِينَ. (?)
إن ملك مصر وهذه الأنهار التي تجري من تحت فرعون، أمر قريب مشهود للجماهير، يبهرها وتستخفها الإشارة إليه. فأما ملك