اللعْنَةُ تَابِعَةً لَهُمْ حَيْثُمَا سَارُوا، وَبِئْسَتْ هذِهِ اللَّعَنَاتُ عَطَاءً وَرِفْداً يُعْطَوْنَهُ وَيَتْبَعُهُمْ فِي الدُّنِيا وَالآخِرَةِ. (وَيَتَهَكَّمُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ حِينَما يُسَمِّي هذِهِ اللَّعَنَاتِ رَفْداً وَعَطَاءً). (?)
ولما كانوا تبعا لفرعون في هذا الأمر، يمشون خلفه، ويتبعون خطواته الضالة بلا تدبر ولا تفكر، ودون أن يكون لهم رأي، مستهينين بأنفسهم، متخلين عن تكريم الله لهم بالإرادة والعقل وحرية الاتجاه واختيار الطريق .. لما كانوا كذلك فإن السياق يقرر أن فرعون سيقدمهم يوم القيامة ويكونون له تبعا: «يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ» ..
وبينما نحن نسمع حكاية عن الماضي ووعدا عن المستقبل، إذا المشهد ينقلب، وإذا المستقبل ماض قد وقع، وإذا فرعون قد قاد قومه إلى النار وانتهى: «فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ»!!
أوردهم كما يورد الراعي قطيع الغنم. ألم يكونوا قطيعا يسير بدون تفكير؟ ألم يتنازلوا عن أخص خصائص الآدمية وهي حرية الإرادة والاختيار؟ فأوردهم النار. ويا بئساه من ورد لا يروي غلة، ولا يشفي صدى، إنما يشوي البطون والقلوب: «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ!».