ونيته ومسح كل رأسه مرة وأذنيه بمائه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وروى صدره الدارقطني وعجزه من زيادة ابن ماجة وغيره وذلك أنه جعل للثانية جزءا مستقلا، وهذا وإن كان يؤذن باستقلالها لأنها جزء سنة فلا يثاب عليها وحدها ولو اقتصر على الأول ففي إثمه قولان، قيل: يأثم لتركه السنة المشهورة، وقيل: لا لأنه قد أتى بما أمر به، كذا في السراج. واختار في الخلاصة أنه إن اعتاده أثم وإلا لا، وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمل القولين، قال في البحر: وينبغي ترجيح عدم الإثم لقولهم والوعيد لعدم رؤيته الثلاثة سنة، فلو أثم بنفس الترك لما احتيج إلى هذا الحمل، واختلف في معنى التعدي والظلم على أقوال ثالثها ما جزم به في الهداية. وقال في البدائع: إنه الأصح لأن ذلك رجع إلى الاعتقاد حتى لو رأى سنة العدد وزاد لقصد الوضوء أو على الوضوء أو لطمأنينة القلب، أو نقص لحاجة فلا بأس به. ونقل في الخلاصة الاتفاق على عدم كراهة الوضوء بعد الفراغ من الأول، وعارضه في البحر بما في السراج من أنه مكروه في مجلس واحد للإسراف. وأقول: لا تدافع في كلامهم لاختلاف الموضوع وذلك أن ما في الخلاصة فيما إذا عاده مرة واحدة، وما في السراج فيما إذا كرره مرارا ولفظه في السراج: لو كرر الوضوء في مجلس واحد مرارا لم يستحب بل يكره لما فيه من الإسراف فتدبر.
(ونيته) مصدر مضاف إلى فاعله أي: نية المتوضئ رفع الحدث أو إقامة الصلاة، كذا في كافي المصنف وعدل عما هو الظاهر من كونه مضافا إلى مفعوله أي: نية الوضوء لما أن المذهب أنه لا بد في تحصيل السنة من أن ينوي ما لا يصح إلا بالطهارة من العبادة أو رفع الحدث أو إقامة الصلاة أو امتثال الأمر كما في المعراج وهو ظاهر أن نية الطهارة لا تكفي وكأنه لتنوعها، ومقتضاه الاكتفاء بنية الوضوء بل هي أولى من رفع الحدث لتنوعه أيضا، ومن ثم جزم في فتح القدير بأنها كافية وعليه فلا يحتاج إلى تكلف ما مر ومحلها عند غسل الوجه والتلفظ بها مندوب، والأصح أن الوضوء الخالي عنها لا ثواب فيه، وقيل: يثاب وقد مر توهينه (ومسح كل رأسه مرة) مستوعبة لرواية الترمذي أن علياتوضأ فغسل أعضاءه ثلاثا