وإن قال الطالب للكفيل برئت إلي من المال رجع على المطلوب وفي برئت أو أبرأتك لا، وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكفيل براءته وحده برئ على خمسمائة وبهذا ظهر أن المسألة مربعة، وفي (التتارخانية) الكفيل بالنفس إذا صالح الطالب على خمسين دينارًا على البراءة عن الكفالة بالنفس لا يجوز ولا يبرأ عنها ولو كان كفيلًا بالمال أيضًا وصالح على خمسين بالشرط برئ، ولو قضى الكفيل بالنفس الدين على أن يبرئه عن الكفالة جاز القضاء والإبراء، وأما إذا أعطاه عشرة ليبرئه عن الكفالة بالنفس فأبرأه لم يسلم له العوض باتفاق الروايات، وفي براءته عنها روايتان، وفي (الخانية) صالح الكفيل الطالب على شيء ليبرئه عن الكفالة لا يصح الصلح ولا يجب المال على الكفيل انتهى. وهو بإطلاقه يعم الكفالة بالمال أيضًا (فإن قال الطالب للكفيل برئت إلي من المال رجع) الكفيل بالمال المكفول به بالأمر (على المطلوب) لأن مفاد هذا التركيب براءة من المال مبدأها من الكفيل ومنتهاها صاحب الدين وهذا هو معنى الإقرار بالقبض من الكفيل فكأنه قال: دفعت إلي رح فيرجع الكفيل على الأصيل بشيء لأن قوله: (برئت) يحتمل بإبرائه أو بالأداء (وأبرأتك) ابتداء إسقاط، وكذا قوله أنت حل من المال بإجماع الأئمة الأربعة لأن لفظ الحل يستعمل في الإبراء بالبراءة دون البراءة بالقبض ذكره المحبوبي وقالوا: هذا إذا كان الطالب غائبًا، فإن كان حاضرًا يرجع إليه في البيان في الكل أنه قبض أو لم يقبض والظاهر أنه في لفظ الحل لا يرجع إليه لظهور أنه سامحه (لا) أنه أخذ شيئًا منه، وجعل أبو يوسف برئت كقوله إلى قيل وهو قول الإمام، واختاره صاحب (الهداية) وهو أقرب الاحتمالين فكان أولى كذا في (العناية) ولا خلاف بينهم أنه لو كتب في الصك برئ الكفيل من الدراهم التي كفل بها كان إقرارًا بالقبض، وفرق محمد بأن العرف أنه إنما كتب عليه هذا إذا وجد الإيفاء له فجعلت الكتابة إقرارًا، ولا عرف عند الإبراء لأنه لا يكتب الصك عليه، واختلف المتأخرون فيما لو قال المدعى عليه أبرأني المدعي من الدعوى التي يدعي علي هذا هو إقرار بالمال وقيل كذا في (الفتح)، والذي في (البزازية) دعوى البراءة عن الدعوى لا يكون إقرارًا بالدعوى عند المتقدمين وخالفهم المتأخرون وقول المتقدمين أصح انتهى.
(وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط) مثل إن عجلت إلي البعض أو دفعت البعض مثلًا فقد أبرأتك عن الكفالة وقيل: يصح وقال في (الفتح): وهو أوجه لأن المنع بمعنى التمليك وذلك يتحقق بالنسبة إلى المطلوب، أما الكفيل فالمتحقق منه المطالبة فكأنه أبرأه إسقاطًا محضًا، وظاهر ما في (الشرح) وغيره ترجيح الأول لجزم