فإن كفل بماله عليه فبرهن على ألف لزمه وإلا صدق الكفيل فيما أقر بحلفه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وغيره انتهى، وعبارة (الهداية) فأما لا يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر، وكذا إذا جعل واحدًا منهما آجلًا إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالًا لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لم تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق انتهى، فهذا التعليل ظاهر فيما فهمه الشر من أنه في التعليق بغير الملائم تصح الكفالة حالا ويبطل الشرط، وعلى هذا الظاهر جرى الإتقاني حيث قال: الشرط إذا كان ملائمًا جاز تعليق الكفالة به، وإن كان بخلاف ذلك لهبوب الريح ومجيء المطر لا يصح التعليق ويبطل الشرط ولكن تنعقد الكفالة ويجب المال لأنه كل ما جاز تعليقه بالشرط لا يبطله الشروط الفاسدة أصله الطلاق والعتاق، وغيره من الشارحين حمل التعليق في التعليل على التأجيل بجامع أن في كل منهما عدم ثبوت الحكم في الحال وهو ظاهر ليطابق ما في (الخانية) مما مر.
وقد ذكره في (المبسوط) أيضًا وهذا الحل ممكن في كلام المص إلا أن عدم ذكر التأجيل في كلامه يبعده بخلافه في عبارة (الهداية) وإذا تحققت هذا علمت أن ما في (البحر) من أن ما قاله الشر سهو لأن المص لم يقل فتصح الكفالة ويجب المال حالًا، وإنما الموجود في النسخ المعتمدة الاقتصار على قوله، ولا تصح بنحو إن هبت الريح، ولذا لم ينسب العيني السهو إلى المص وإنما نسبه إلى (الهداية) فعلى هذا الأنسب أن يقر ولا تصح بالتاء الفوقية وكل منهما مخطئ في نسبه السهو إلى (الهداية) ثم ذكر ما في (الهداية) وأن قوله لما صح تعليقها معناه تأجيلها بأجل متعارف مجازًا انتهى. مما لا تحرير فيه وذلك لأن اعتراضه إنما هو على ما وقع نسخته وهو صحيح، وكلام (الهداية) ظاهر فيما فهمه كما علمته والتأويل خلاف الأصل فكيف ينسب إلى السهو؟ ما هذا إلا كبير سهو نعم الثابت في أكثر النسخ ولا يصح بنحو إن هبت الريح أو جاء المطر، وإن جعلا فتصح الكفالة ويجب المال حالًا، أي لا يصح تعليقها بشرط غير ملائم، ويعلم من قوله وإن جعلا أجلًا فيصح أنها في التعليق لا تصح لعدم صحته وحينئذ فيكون الأنسب أن تقرأ بالفوقية مع أن الكلام في التعليق عدول عن الظاهر/ بما لا داعي إليه وصورة جعلهما أجلًا أن يقول: كفلت به أو بمالك عليه إلى أن تهب الريح أو إلى أن يجيء المطر.
(فإن كفل بماله) أي: لفلان (عليه فبرهن) فلان (على الألف) أي: على أن له عليه ألفًا (لزمه) أي: الكفيل ما برهن به عليه لأن الثابت بالبينة كالثابت عيانًا سواء كان البرهان على الأصيل أو على الكفيل حال غيبة الأصيل ويكون ذلك قضاء على الحاضر والغائب، كذا في (الخانية) (وإلا) أي: وإن لم يبرهن (صدق الكفيل فيما أقر) به (بحلفه) على نفي العلم لا على البتات.