برئ ولو شرط تسليمه في مجلس القاضي سلمه ثمة

ـــــــــــــــــــــــــــــ

كما في (الفتح) والخلاف مقيد بما إذا كان في المصر الآخر سلطان أو قاض وكانت الكفالة غير مقيدة بمصره وإلا فلا يبرأ اتفاقًا، كذا في (التتارخانية) وفيه بحث لأنه إذا لم يكن فيه سلطان ولا قاض فليس بمصر (برئ) سواء وقته فيسلمه قبله أو لا لأنه أتى بما التزمه وقد حصل مقصود الطالب والتأجيل حق الكفيل وله إسقاطه واحترز بقوله بحيث الخ عما لو سلمه في برية أو سواد، وما في (القنية) لو كان المكفول جاء لسامع قوم في مدرسة فجاء الكفيل بالمكفول عنه وقال: هذا هو المكفول عنه فلم يجلس بل مر وخرج إلى باب آخر فهذا القدر تسليم منه انتهى. ينبغي أن يحمل على ما إذا كان التسليم بعد الطلب وظاهر أن قوله بحيث يعذر خرج مخرج الشرط في صحة تسليمه سواء كان ذلك بعد طلبه أولا، وما في (القنية) لو سلمه ليلًا في مكان لا يمكنه القضاء وفر منه، فإن كان التسليم بطلبه يخرج عن العهدة والظاهر ضعفه.

(ولو شرط تسليمه في مجلس القاضي سلمه) الكفيل (ثمة) أي: في مجلس القاضي حتى لو سلمه في السوق لا يبرأ وهذا قول زفر وبه يفتى لأن الشرط مقيد فيلزمه تسليمه على الوجه الذي التزمه ومحل الخلاف ما إذا كان أهل البلد لا يطيقون الغريم من الطالب فإن كانوا يطيقونه لا يبرأ بتسليمه في السوق اتفاقًا، وفي (الواقعات الحسامية) جعل هذا رأيًا للمتأخرين لا قولًا لزفر ولفظه: والمتأخرون من مشايخنا يقولون: جواب الكتاب أنه يبرأ إذا سلمه في السوق أو في مواضع أخر في المصر بناء على عاداتهم في ذلك الزمان، أما في زماننا فلا يبرأ لأن أكثر الناس يعينون المطلوب على الامتناع عن الحضور لغلبة الفسق فكان الشرط مفيدًا فيصح وبه يفتى انتهى. وهو الظاهر إذ كيف يكون هذا اختلاف عصر وزمان مع أن زفر كان في ذلك الزمان، وفي (التتارخانية) شرط تسليمه عند الأمير أو عند هذا القاضي فسلمه عند قاض آخر جاز، وفي (فتح القدير) شرط تسليمه عند الأمير فسلمه عند القاضي أو عزل ذلك القاضي وولي غيره فرفعه عند الثاني جاز، ذكره في (الخلاصة) ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ وفي (العيون) لو ضمن بنفس رجل وحبس المطلوب في السجن فأتى به الذي ضمنه إلى مجلس القاضي فدفعه إليه قال محمد: لا يبرأ لأنه في الحبس، ولو ضمنه وهو في السجن يبرأ، ولو قال المطلوب في السجن: دفعت نفسي إليك عن كفالته كان جائزًا أيضًا، وفي (المحيط) كفل برجل غائب أو محبوس يجوز لأنه كفل غير واجب على الأصيل وهو تسليم نفسه وهو مقدور التسليم لأنه يعرف مكانه فيمكنه أن يذهب ويأتي به وعليه ما على المحبوس ويخلصه من السجن انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015