والاعتكاف والمزارعة والمعاملة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كونه يبطل بالشرط الفاسد خطأ وأنه يجب أن يذكر في القسم الثاني لأنه إنما يبطل به ما كان من باب التمليك والعزل ليس منه وهذا هو الحق انتهى.
أقول: وما مر من الأصل الثاني يؤيد ما قاله السرخسي (والاعتكاف) أي: إيجابه كقوله: علي أن أعتكف إن شفى الله مريضي، وإن قدم زيد وهذا ينافي ما مر في الاعتكاف من صحة تعليق المنذور منه بل في (الخانية) ما يفيد الإجماع عليه حيث قال: أجمعوا على أن النذر لو كان معلقاً بأن قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلله علي أن أعتكف شهراً فعجل شهراً قبل ذلك لم يجز.
وفي (القينة) قال: لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار ثم دخل فعليه اعتكاف شهر عند علمائنا، وإذا صح تعليقه يبطل بالشرط الفاسد قال في (جامع الفصولين): ما جاز تعليقه بالشرط لا يبطل بالشرط الفاسد، كذا في (البحر) وفيه هذا هو الموضع الثالث مما أخطؤوا فيه في بيان ما لا يصح تعليقه، والخطأ هنا أقبح من الأولين وأفحش لكثر الصرائح بصحة تعليقه والعجب من كونهم تداولوا هذه العبارات متوناً وشروحاً وفتاوى ولم ينبهوا على ما اشتملت عليه من الخطأ، ولا عيب بذلك على المذهب لأن ضابطه محمد بن الحسن لم يذكر جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط، وما يصح على هذا الوجه ويرحم الله صاحب (الهداية) لم يلتفت إلى جمع هذه الأشياء وهو دليل على كمال ضبطه ولو حذفها المص لكان أولى.
وأقول: تعقبه بعض أهل العصر بأن ما هنا في تعليق الاعتكاف لا في تعليق النذر فيه وهو مردود بما في هبة (النهاية) جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد ثلاثة عشر موضعاً وعد منها تعليق إيجاب الاعتكاف بالشرط، ويمكن أن يجاب عنه بأن يكون معناه ما إذا قال: أوجب علي الاعتكاف إن قدم زيد لكنه بخلاف الظاهر فتدبره، وعلى كل تقدير فالتأدب مع سادتنا الأعلام وحسن الظن بهم واجب بلا كلام، ولحق أن كلامهم هنا محمول على رواية في الاعتكاف وإن كانت الأخرى هي التي عليها الأكثر، وكون محمد لم يذكرها مجموعة لا يقدح في ثبوت كل فرد منها لذكره لها متفرقة والعذر لصاحب (الهداية) حيث لم يذكرها مجموعة أنه التزم الجمع بين القدوري و (الجامع الصغير)، وليس فيهما ذلك ومن ثم حذفها في (المجمع) لالتزامه المنظومة والقدوري (والمزارعة والمعاملة) يعني المساقاة لأنهما إجارة فيكونان معاوضة مال بمال فيفسدان بالشرط الفاسد، ولا يجوز تعليقهما بالشرط كما لو قال: زارعتك أرضي أو ساقيتك كرمي على أن تقرضني ألفاً، وإن قدم زيد وقبل الآخر ولو تعاقدا عقد المزارعة على أن يكون الحصاد أو الدياس على