ومن بنى سقاية أو خاناً أو رباطاً أو مقبرة لم يزل ملكه عنه حتى يحكم به حاكم

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يفتى على قوله برجوعه إلى ملك الواقف وورثته بمجر تعطيله أو خرابه بل إذا صار بحيث لا ينتفع به يشترى بثمنه وقف يشتغل ولو كانت غلته دون غلة الأول انتهى.

وأقول: ما ادعاه من التدافع بين كلام محمد غير واقع لأن بيعه إنما هو رواية هشام عن محمد وعدم جواز البيع هو المذكور في (السير الكبير) وعليه تفريع عوده إلى ملك الواقف أو ورثته فلا تدافع نعم المعمول به ما رواه هشام كما مر عن (الظهيرية) والله الموفق.

فرع

من حوادث الفتوى أرصد الإمام قطعة أرض على ساقية ليصرف خراجها في كلفة إدارتها فاستغنى عنها لخراب البلدة فنقلها وكيل الإمام إلى ساقية هي ملك هل يصح هذا النقل؟ أجاب بعض الشافعية بأن الإرصاد على الملك إرصاد على المالك يعني فيصح وهذا لم أره في كلام علمائنا إلا أنه في (الخلاصة) قال: المسجد إذا خرب أو الحوض إذا خرب ولم يحتج إليه لتفرق الناس عنه صرفت أوقافه في مسجد آخر أو حوض آخر انتهى، وعلى هذا فيلزم المرصد عليه أن يديرها لسقي الدواب وتسييل الماء كما كانت ولا يتوهم من كونه إرصاداً على المالك أنه لا يلزم ذلك فتدبر.

(ومن بنى سقاية) للمسلمين (أو خاناً) يسكنه بنو السبيل (أو رباطاً أو مقبرة لم يزل ملكه عند) الإمام (حتى يحكم به حاكم) أو يضيفه إلى ما بعد الموت فيلزم بعده وله الرجوع قبله وعند أبي يوسف يزول بمجرد القول كما هو أصله وبه قالت الأئمة الثلاثة، وعند محمد حتى يسلمه بأن يستقي الناس من الساقية والبئر أو الحوض أو شربت منه دابة أو سكنوا الخان والرباط ويدفنوا في المقبرة والواحد يكفي لتعذر الكل ولو سلم إلى المتولي صح التسليم.

وفي هذه قال في (الإسعاف): هذا في الخان والسقاية الذي ينزل فيه ويشرب كل يوم أما الخان الذي ينزل فيه الحاج أو الغزاة كل سنة والسقاية التي يحتاج إلى صب الماء فيها فلابد فيها من التسليم إلى المتولي لاحتياجهما إلى من يقوم بمصالحهما، ثم لا فرق في الانتفاع في هذه الأشياء بين الغني والفقير بخلاف الغلة حيث يختص بها الفقير لأن الغني لا يستصحب هذه الأشياء عادة فكان محتاجاً إليها كالفقير أما الغلة فهي مستغن بماله عنها لأنها صدقة وعلى هذا لو وقف الغلة على الحاج أو القراءة أو طلبة العلم اختص به الفقراء كذا في (المحيط).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015