ولا يقسم وإن وقف على أولاده ويبدأ من غلته بعمارته بلا شرط
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأفاد في (القنية) أنه لا يملك الشراء إلا بإذن القاضي (ولا يقسم) أي: الموقوف بين مستحقه (وإن وقفه على أولاده) لأن حقهم إنما هو في الغلة لا في العين وهذا بالإجماع كما نقله غير واحد، وقد أفصح عن هذا في (القنية) حيث قال: ضيعة موقوفة على الموالي فلهم قسمتها قسمة حفظ وعمارة لا قسمة تملك وعلى هذا تفرع ما في الخصاف وقف داره على سكنى قوم بأعيانهم أو على ولده ونسله ما تناسلوا فإن انقرضوا تكرى وتوضع غلتها للمساكين ليس لأحدهم إجارتها ولو زادت على قدر حاجة سكناه وله الإعارة لا غير، ولو كانت الأولاد ذكوراً وإناثاً وفي الدار مقاصير كان له أن يسكن بزوجته وهي بزوجها وإن لم يكن فيها ذلك لا يستقيم أن يقسم ولا أن تقع فيها مهايأة، وبهذا يعرف أنه لو سكن بعضهم فلم يجد آخر موضعاً يكفيه لا يستوجب الآخر أجرة حصته على صاحبه بل إن أحب أن يسكن معه في بقعة من تلك الدار بلا زوجة أو زوج فعل وإلا تركه المتضيق.
وفي (القنية): أحد الشريكين إذا استعمل الوقف كله بالغلبة بدون إذن الآخر فعليه أجر حصة الشريك سواء كانت وقفاً على سكناهما أو للاستغلال/ وفي الملك المشترك لا يلزم للآخر على الشريك إذا استعمله كله وإن كان معداً للأجرة وليس للشريك الذي لم يستعمل الوقف أن يقول للآخر أن أستعمله بقدر ما استعملته لأن المهايأة إنما تكون بعدم الخصومة.
قال في (البحر): فعلى هذا قول الخصاف لا يستوجب الآخر أجرة معناه قبل السكنى لو طلب أن يجعل عليه شيئاً أما بعد السكنى فالإجارة واجبة، وعندي أن هذا سهو لاختلاف الموضوع وذلك أن ما في (القنية) فيما استعمله بالغلبة وفي (الخصاف) فيما إذا لم يجد الآخر موضعاً يكفيه فتدبره.
في (الإسعاف): لو قسمه الواقف بين أربابه ليزرع كل واحد منهم نصيبه ويكون المزروع له دون شركائه توقف على رضاهم، ولو فعل أهل الوقف ذلك فيما بينهم جاز ولمن أتى منهم بعد ذلك إبطاله (ويبدأ من غلته بعمارته بلا شرط) لثبوته اقتضاء وذلك لأن قصده صرف الغلة أبداً ولا يبقى ذلك إلا بالعمارة، قيد بغلته لأنه لو لم يكن له غلة فإن كان الوقف على قوم لا يحصون لا يؤاخذون بها لعدم تعينهم وإن كان على رجل بعينه أو رجال وبعده للفقراء فهي في ماله مادام حياً، فإذا مات فمن الغلة، ثم العمارة المستحقة عليهم إنما هي بقدر ما يبقى من الموقوف بها على الصفة التي عليها فأما الزيادة فليست بمستحقة فلا تصرف في العمارة إلا برضاه، ولو كان الوقف على الفقراء فكذلك عند البعض وعند آخرين تجوز الزيادة والأول أصح.