«عِنْدَ حَطْم الخَيل» هَكَذَا مَضْبُوطًا، فَإِنْ صحَّت الرَّواية بِهِ وَلَمْ يكُن تَحْرِيفًا مِنَ الكَتَبة فَيَكُونُ مَعْنَاهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ يحْبسُه فِي الْمَوْضِعِ المُتَضَايق الَّذِي تَتَحَطَّم فِيهِ الخَيْل. أَيْ يَدُوس بَعْضُهَا بَعْضًا، ويزحَم بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَرَاهَا جميعَها، وتكْثُر فِي عَيْنِهِ بمُرورِها فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الضَّيِّق. وَكَذَلِكَ أَرَادَ بِحَبْسِه عِنْدَ خَطْم الْجَبَلِ عَلَى مَا شَرَحَهُ الحُمَيْدي، فإنَّ الْأَنْفَ النَّادِر مِنَ الْجَبَلِ يضيِّق الْمَوْضِعَ الَّذِي يَخْرُج فِيهِ.
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقَفاي فحَطَانِي حَطْوَة» قَالَ الْهَرَوِيُّ: هَكَذَا جَاءَ به الرّاوى عير مَهْمُوزٍ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الحَطْو: تَحْريك (?) الشَّيء مُزَعْزَعاً. وَقَالَ: رَوَاهُ شَمِر بِالْهَمْزِ. يُقَالُ حَطَأَهُ يَحْطَؤُه حَطْأً: إِذَا دَفَعه بِكَفِّهِ. وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الحَطْء إلاَّ ضَرْبة بالكَفّ بَيْنَ الكَتِفَين.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ «قَالَ لِمُعَاوِيَةَ حِينَ وَلَّى عَمْرًا: مَا لَبَّثَكَ السَّهْمِيُّ أَنْ حَطَا بِكَ إِذْ تَشَاوَرْتُمَا» أَيْ دَفَعَكَ عَنْ رَأْيِكَ.
- فِيهِ «لَا يَلِج حَظِيرَة القُدْس مُدْمِنُ خَمْر» أَرَادَ بِحَظِيرَةِ القُدس الجنَّة. وَهِيَ فِي الْأَصْلِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحاط عَلَيْهِ لتأوِيَ إِلَيْهِ الغنمُ وَالْإِبِلُ، يَقيهمَا البردَ وَالرِّيحَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا حِمَى فِي الأرَاكِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أرَاكةٌ فِي حَظَارى» أَرَادَ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا الزَّرْعُ المُحاط عَلَيْهَا كالحَظِيرَة، وَتُفْتَحُ الْحَاءُ وَتُكْسَرُ. وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَرَاكَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا قَبْلَ أَنْ يُحْيِيَهَا، فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالْإِحْيَاءِ وَمَلَكَ الْأَرْضَ دُونَها؛ إذْ كَانَتْ مَرْعًى للسَّارحة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي فَلَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: لَقَدِ احْتَظَرَت بحِظَار شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ» والاحْتِظَار: فِعل الحِظَار، أَرَادَ لَقَدِ احْتَميت بِحِمًى عَظِيمٍ مِنَ النار يقِيك حرَّها ويُؤمِّنك دخولها.