"لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، وما الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ1"، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنَدِيِّ الصَّنْعَانِيِّ الْمُؤَذِّنِ شيخ الشافعي، وقد روى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَيْضًا وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُولٍ كَمَا زَعَمَهُ الْحَاكِمُ، بَلْ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ وَثَّقَهُ، وَلَكِنْ مِنَ الرُّوَاةِ من حدث به عنه أبان عن أَبِي عَيَّاشٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مُرْسَلًا، وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي التَّهْذِيبِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رَأَى الشَّافِعِيَّ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ: كَذَبَ عليَّ يونس بن عبد الأعلى الصدفي ويونس مِنَ الثِّقَاتِ لَا يُطْعَنُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ مَنَامٍ، وهذا الحديث فيما يظهر بادىء الرأي مخالف للأدحاديث التي أوردناها في إثبات أن المهدي غَيْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، إِمَّا قَبْلَ نُزُولِهِ فظاهر والله أعلم، وأما بعده فعند التأمل لا منافاة بل يكون المراد من ذلك أن يكون الْمَهْدِيَّ حَقَّ الْمَهْدِيِّ هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا أيضاً، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015