وابن ماجه، من حديث سليمان بن مهران، عن الأعمش، عن أبي وائل، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بين الناس يوم القيامة الدِّمَاءِ" 1.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ "أَنَّ المقتول يأتي يوم القيامة تشخب أوداجه دماء، وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَرَأْسُهُ فِي يَدِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِالْقَاتِلِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ قَتَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قتلني? فيقول الله تعالى: لم قتلت هذا? فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فيقول الله: صدقت. ويقول المقتول ظلماً: سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي? فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: لم قتلته. فيقول: لتكون العزة لي، وفي رواية لفلان فيقول الله: تَعِسْتَ، ثُمَّ يَقْتَصُّ مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ قَتَلَهُ ظلماً، ثم يبقى في مشيئة الله إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ".
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَتَعَيَّنُ عَذَابُهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، كَمَا يُنْقَلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ، حَتَّى نَقَلَ بَعْضُهُمْ: أَنَّ الْقَاتِلَ لَا تَوْبَةَ لَهُ، وَهَذَا إِذا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ صَحِيحٌ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِقَابِهِ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، ثُمَّ أَكْمَلَ الْمِائَةَ، ثُمَّ سَأَلَ عَالِمًا مَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ. فَقَالَ: ومن يحول بينك وبين التوبة? إيت بلد كذا وكذا فإِنه يعبد الله فيها، فَلَمَّا تَوَجَّهْ نَحْوَهَا، وَتَوَسَّطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي خرج منها، أدركه الموت فمات، فتوفته ملائكة الرحمة الحديث بطوله2.