يقول: كان يوسوس إلي بالكفر واستبعاد أمر المعاد، فبرحمة الله نجوت منه، ثم أمر أصحابه ليطلعوا على النار، فرآه في غمراتها يعذب، فحمد الله على ما نجاه منه.
قال الله تعالى:
{قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدْتَ لَتُرْدِين، وَلَوْلاَ نِعْمَةُ ربي، لَكُنْتُ مِنَ المحْضَرِينَ} .
ثُمَّ ذَكَرَ الْغِبْطَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَشَكَرَ الله عليها وقال:
{أفَمَا نَحْنُ بِميتينَ إِلاّ مَوْتَتَنَا الأولَى، وَمَا نَحْنُ بِمُعَذِّبِينَ} ? أي إنا قَدْ نَجَوْنَا مِنَ الْمَوْتِ وَالْعَذَابِ، بِدُخُولِنَا الْجَنَّةَ، إن هذا لهو الفوز العظيم وقوله:
{لِمِثْل هذا، فَلْيَعْمَل الْعَامِلُونَ} .
يحتمل أن يكون من تمام مقالته، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وجل، لقوله:
{وفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافِسُونَ} . [83- المطففين- 26] .
ولهذا نظائر كثيرة، قد ذكرنا بعضها في التفسير.
وذكر في أول البخاري: في كتاب الإِيمان، في حديث حارثة بن سراقة، حين قال له رسولالله صلى الله عليه وسلم: "كيف أصبحت?" فقال: أصبحت مؤمناً بالله حقاً، قال: "فما حقيقة إيمانك?" قال: صرفت نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي،