كَمَا لَو قَالَ ألف وَألف عملا بِأَصْلِهِ وَهُوَ التغاير مَعَ احْتِمَاله التَّأْكِيد وَاسْتدلَّ بَعضهم بِأَن الْعرف يشْهد بذلك وَلذَلِك لَو قَالَ شخص رَأَيْت زيدا ثمَّ قَالَ رَأَيْت زيدا كَانَ زيد الثَّانِي زيدا الأول والرؤية الثَّانِيَة هِيَ الأولة وَهَذِه دَعْوَى حَقِيقَة عرفية تفْتَقر إِلَى دَلِيل وَالْأَصْل عدمهَا وَبَقَاء الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة وَاسْتدلَّ بَعضهم بِأَن الله تَعَالَى كرر الْخَبَر عَن جمَاعَة من الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يكن الْمَذْكُور فِي قصَّة غير الْمَذْكُور فِي أُخْرَى كَذَا هَهُنَا وَفِيه نظر لأَنا لَا نمْنَع من اسْتِعْمَال الْمجَاز وَالظَّاهِر يَزُول بالقاطع
وَعَن أبي حنيفَة رِوَايَة كَهَذا القَوْل مَعَ اتِّحَاد الْمجْلس فَقَط وَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه يلْزمه أَلفَانِ وَهُوَ الْأَصَح عِنْد أَصْحَابه وَسَوَاء كَانَ الْإِقْرَار بِمَا فِي الذِّمَّة أَو بِمَا فِي الْيَد وَإِن عرفه فقد وَافق أَبُو حنيفَة أَنه الأول وَهُوَ وَاضح لِأَن اللَّام للْعهد كَقَوْلِه تَعَالَى 73 16 {فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول}
وَكَذَلِكَ لَو شهد لَهُ بِأَلف ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ بِأَلف عِنْد القَاضِي فَأقر بِأَلف فَقَالَ الطَّالِب لي عَلَيْهِ ألف أُخْرَى وَأَنا أقيم الْبَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الْمَطْلُوب فِي أَن الْمَشْهُود بِهِ هُوَ الْمقر بِهِ بِخِلَاف الإقرارين وَكَذَلِكَ لَو سلم أَنه لَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم دِرْهَم أَنه لَا يلْزمه إِلَّا دِرْهَم وَاحِد بِخِلَاف الاقرارين فِي دفعتين وَلَو قَالَ لَهُ على ألف من ثمن هَذَا الْمَتَاع بِعَيْنِه ثمَّ أقرّ بِهِ فِي مجْلِس آخر فَهُوَ إِقْرَار بِشَيْء وَاحِد وفَاقا كَمَا أَنه لَو عزا الأولى إِلَى بيع وَالثَّانِي إِلَى آخر لزم الألفان وفَاقا
قَوْله إِلَّا أَن يذكر مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّد كأجلين أَو شَيْئَيْنِ أَو سكتين وَنَحْوه فَيلْزمهُ أَلفَانِ وَقد تقدم
لِأَن تغاير الصِّفَات دَلِيل على تغاير الموصوفات كمن قَالَ قبضت ألفا يَوْم السبت وألفا يَوْم الْأَحَد بِخِلَاف تعدد الْإِشْهَاد وَإِن قيد أحد الإقرارين بِسَبَب وَأطلق الآخر حمل الْمُطلق على الْمُقَيد فَيكون ألفا وَاحِدًا مَعَ الْيَمين