يقتضى أَن الْعبْرَة بِإِقْرَار الْوَلِيّ إِمَّا لِأَنَّهُ مجبر كَمَا تَأَوَّلَه القَاضِي أَو لِأَنَّهُ مَأْذُون لَهُ فَالْعِبْرَة بتصديقه وتكذيبه لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشر للْعقد الَّذِي يَصح مِنْهُ ذَلِك دونهَا كَمَا أَن الْعبْرَة بِهِ إِذا ادّعى على سَفِيه بِعقد بيع فَإِذا قَامَت الْبَيِّنَتَانِ إِمَّا أَن يُقَال سقطتا للتهاتر كَمَا قَالَه القَاضِي أَو يُقَال ثَبت العقدان فالمرجع إِلَى الْوَلِيّ فِي تعْيين أَيهمَا هُوَ الصَّحِيح لكَونه بِإِذْنِهِ أَو لكَونه الْمُقدم كَمَا قلته فِيمَا إِذا ثَبت بيعان فالمرجع إِلَى البَائِع فِي تعْيين الْمُقدم وَيحلف للْآخر
وَقَوله فَإِن لم يكن ولي فسخت النِّكَاح
يُؤَيّد هَذَا الِاحْتِمَال لِأَنَّهُ لَو لم يثبت عقد لم يحْتَج إِلَى فسخ بل يثبت عقدان لم يتَعَيَّن صَحِيحهمَا أَو لم يكن فيهمَا صَحِيح لعدم إِذن الْوَلِيّ فينفسخ النكاحان وَإِذا نزلت الْمَسْأَلَة على الْوَلِيّ الْمُجبر كَمَا فسروا بِهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا ظهر مَا ذكرته جيدا
وَبِكُل حَال قد تبين أَن لَيْسَ فِي كَلَام الإِمَام أَحْمد مَا يقتضى أَنه أبطل الْإِقْرَار لادعاء نفسين لَهَا وَلَا تَأْثِير للمدعيين بل عِنْده أَن إِقْرَار الْمَرْأَة لم يَصح إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا إِذا كَانَت مجبرة وَهَذَا هُوَ الْحق فَإِنَّهُ لَا أثر لهَذَا من جِهَة الْفِقْه انْتهى كَلَامه
وَقَول القَاضِي فِي سُقُوط الْبَيِّنَتَيْنِ هُوَ معنى كَلَام غير وَاحِد
قَالَ فِي الْمُغنِي وَإِذا أَقَامَا بينتين تَعَارَضَتَا وسقطتا وحيل بَينهمَا وَبَينهَا وَالَّذِي قَالَه فِي الرِّعَايَة تَعَارَضَتَا وسقطتا وَلَا نِكَاح وَقَالَ غير وَاحِد وَإِن جهل سبق التَّارِيخ عمل بقول الْوَلِيّ نَص عَلَيْهِ قَالَ ابْن حمدَان الْمُجبر فَإِن جهل فسخا فَأَما إِن اخْتلف تاريخهما فَهِيَ للأسبق تَارِيخا
ظَاهر كَلَام القَاضِي هُنَا أَنه لَا يرجح أَحدهمَا بِكَوْن الْمَرْأَة فِي يَده وبيته