إِنَّمَا يكون بِحَسب حَاله فعندي أَنه لَا يفعل ذَلِك بِمن ندرت مِنْهُ نادرة وَهُوَ من أهل البيوتات وَذَوي الهيئات فَأَما إِن كَانَ مَعْرُوفا بذلك يتَكَرَّر مِنْهُ أشباه ذَلِك فردعه بِمَا يرَاهُ الْحَاكِم رادعا لمثله وَإِن أفْضى إِلَى إشهاره رَاكِبًا وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل بالعرنيين لما رأى ذَلِك حَدهمْ وعقوبتهم وَالصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم بعده مثلت لما رَأَتْ ذَلِك فَأَبُو بكر أحرق فِي اللواط وَعلي أحرق الزَّنَادِقَة فِي الأخاديد وَلما شاور أَبُو بكر فِي حد اللواط وَفِي الَّذِي يلاط بِهِ اخْتلف الصَّحَابَة فِي أَنْوَاع الْمثلَة فَقيل يحرق وَقيل يرْجم وَقيل يرْمى من شَاهِق أَعلَى بَيت فِي الْقرْيَة وَقيل يحبس إِلَى أَن يَمُوت انْتهى كَلَامه

وَكَلَام الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة حَنْبَل السَّابِق يشْهد لَهُ

وَاحْتج الْحَنَفِيَّة فَقَالُوا الرُّجُوع عَن القَوْل الْمُوجب وَهُوَ الْإِقْرَار بِالزِّنَا أسقط عَنهُ الْحَد فالرجوع عَن القَوْل الَّذِي يُوجب التَّعْزِير وَهُوَ التزوير على الْمَشْهُود عَلَيْهِ أولى أَن يسْقط عَنهُ

فَقَالَ القَاضِي وَالْجَوَاب أَنه لَيْسَ الْخلاف فِيمَن تَابَ وَإِنَّمَا الْخلاف فِيمَن ثَبت عَلَيْهِ أَنه شهد بالزور إِمَّا بِقِيَام الْبَيِّنَة على إِقْرَاره بذلك أَو بِعلم الْحَاكِم بِهِ قطعا بِأَن شهد بقتل رجل وَالْحَاكِم يعلم أَنه لم يقتل وَهُوَ أَن يكون الرجل عِنْده وَقت الْقَتْل أَو يكون الَّذِي يَدعِي أَنه مقتول حَيّ لم يقتل فَأَما إِذا تَابَ فَإنَّا لَا نعزره وَقيل لَا يسْقط التَّعْزِير بِالتَّوْبَةِ لِأَنَّهُ قد تعلق بِحَق آدَمِيّ وَهُوَ شَهَادَته عَلَيْهِ وَحُقُوق الْآدَمِيّين لَا تُؤثر فِيهَا التَّوْبَة

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أما إِذا تَابَ بعد الحكم فِيمَا لَا يبطل بِرُجُوعِهِ فَهُنَا قد تعلق بِهِ حق آدَمِيّ ثمَّ تاره يَجِيء إِلَى الإِمَام تَائِبًا فَهَذَا بِمَنْزِلَة قَاطع الطَّرِيق إِذا تَابَ قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِ وَتارَة يَتُوب بعد ظُهُور تزويره فَهُنَا لَا يَنْبَغِي أَن يسْقط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015