فَإِن قيل فَللَّه حكم فِي الْفَاسِد كَمَا لَهُ حكم فِي الصَّحِيح فَهُوَ ينْقل الْفساد فينفذه الْحَاكِم
قيل فَيجب أَن يحضر المؤاجر الْمشَاهد بيع الْخمر فَيشْهد بذلك وَكَذَلِكَ دور الْفسق لشاهد الزِّنَا فَيشْهد بذلك لِأَن لله فِيهِ حكما وَهُوَ سُقُوط ثمن الْخمر وَمهر الزَّانِيَة
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشَّهَادَة عَلَيْهِ إِعَانَة على حُصُوله والإعانة على الْمحرم مُحرمَة فَأَما إذاغلب على ظَنّه أَنه يشْهد عَلَيْهِ ليبطله فَذَلِك شَيْء آخر انْتهى كَلَامه
وَظَاهر قَول الشَّيْخ تَقِيّ الدّين كَمَا تقدم فِي أول الْفَصْل وَعَلِيهِ مَا ذكره القَاضِي فِي نَص الإِمَام أَحْمد
وَكَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو النَّصْر الْعجلِيّ أَنه سمع أَبَا عبد الله يكره الْعينَة وَيكرهُ أَن يشْهد الرجل على شَيْء مِنْهَا هَذَا إِن حملت الْكَرَاهَة على التَّحْرِيم وَإِطْلَاق القَاضِي عدم الْمَنْع يقتضى جَوَاز الشَّهَادَة مُطلقًا وَهُوَ خلاف كَلَام الإِمَام أَحْمد
وَقد يُقَال مَا ضعف دَلِيله وَكَانَ خلاف خبر وَاحِد لم يشْهد فِيهِ وَإِلَّا شهد كعطية الْأَوْلَاد وَمَا فِي مَعْنَاهَا
وَقَالَ القَاضِي سعد الدّين الْحَارِثِيّ فِي شَرحه الْعلم بالتفضيل أَو التَّخْصِيص يمْنَع تحمل الشَّهَادَة بِهِ وأداؤها مُطلقًا حَكَاهُ الْأَصْحَاب وَنَصّ عَلَيْهِ ثمَّ ذكر النُّصُوص السَّابِقَة وَأَن الإِمَام أَحْمد قَالَ فِي رِوَايَة أَحْمد بن سعيد وَإِن سَأَلَهُ بِمَا اسْتمع عِنْد قَاض يرى ذَلِك جَائِزا لم يشْهد لَهُ بِهِ وَعلله الْحَارِثِيّ بِأَنَّهُ جور فامتنعت الْإِعَانَة عَلَيْهِ وَذكر أَنه قَول إِسْحَاق
وَنقل أَبُو طَالب عَن الإِمَام أَحْمد أَنه سُئِلَ عَن رجل نحل نحلة لِابْنِهِ وَلم يعلم الشُّهُود أَن لَهُ ابْنا غَيره ثمَّ علمُوا بعد أَن لَهُ غَيره فَدَعَاهُمْ إِلَى الشَّهَادَة قَالَ إِن لم يشْهدُوا لَهُ أَرْجُو لَيْسَ عَلَيْهِم شَيْء انْتهى كَلَامه