وَقد قَالَ مهنا سَأَلت أَبَا عبد الله عَن رجل ادّعى على رجل ألف دِرْهَم فَأَقَامَ شَاهدا بِأَلف ثمَّ جَاءَ آخر فَشهد لَهُ بِأَلف وَخَمْسمِائة فَقَالَ تجوز شَهَادَتهم على الْألف وَذكره عَن شُرَيْح وَظَاهره أَنه لَا تسمع شَهَادَته فِي الزَّائِد لعدم دَعْوَاهُ
وَقد ذكر الْأَصْحَاب أَن من كَانَت عِنْده شَهَادَة لآدَمِيّ لَا يعلمهَا لَهُ إِقَامَتهَا قبل إِعْلَامه بهَا لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
أَلا أنبئكم بِخَير الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قبل أَن يسْأَلهَا رَوَاهُ مُسلم وَلَا يسْتَلْزم هَذَا جَوَاز الشَّهَادَة قبل الدَّعْوَى
وَذكر القَاضِي فِي التَّعْلِيق أَن الشُّهُود لَو شهدُوا بِحَق قبل دَعْوَى الْمُدعى قبلت شَهَادَتهم إِن شهدُوا بِمَا لَا يُعلمهُ صَاحب الْحق وَإِن شهدُوا بِمَا يُعلمهُ قبل أَن يَدعِيهِ لم تقبل وَفرق بَينه وَبَين الْيَمين أَنه لَو لم تسمع الشَّهَادَة أدّى إِلَى ضيَاع حَقه لِأَنَّهُ غير عَالم بِهِ فَيُطَالب بِهِ بِخِلَاف الْيَمين فَإِن الِامْتِنَاع من سماعهَا بعد حُضُوره لَا يُؤدى إِلَى إِسْقَاطهَا لِأَنَّهُ حق لَهُ وَهُوَ عَالم بِهِ وَلِأَن الشُّهُود إِذا علمُوا بِالْحَقِّ لَزِمَهُم إِقَامَة الشَّهَادَة لِأَن فِي الِامْتِنَاع كتمانها وَلَا يجوز أَن يلْزمهُم إِقَامَتهَا وَلَا تسميعها للْحَاكِم