وَأَيْضًا فَقَوله إِن الْأمة تلقت الْكِتَابَيْنِ بِالْقبُولِ إِن أَرَادَ كل الْأمة فَلَا يخفى فَسَاده لِأَن الْكِتَابَيْنِ إِنَّمَا صنفا فِي الْمِائَة الثَّالِثَة بعد عصر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم وأئمة الْمذَاهب المتبعة ورؤوس حفاظ الْأَخْبَار ونقاد الْآثَار وَإِن أَرَادَ بالأمة الَّذين وجدوا بعد الْكِتَابَيْنِ فهم بعض الْأمة لَا كلهم فَلَا يَسْتَقِيم دَلِيله الَّذِي قدره من تلقي الْأمة وَثُبُوت الْعِصْمَة لَهُم والظاهرية إِنَّمَا يعتدون بِإِجْمَاع الصَّحَابَة خَاصَّة وَأَيْضًا فَإِن أَرَادَ أَن كل حَدِيث مِنْهَا تلقوهُ بِالْقبُولِ فَهُوَ غير مُسْتَقِيم فقد تكلم جمَاعَة من الْحفاظ فِي أَحَادِيث مِنْهَا كالدارقطني بل أدعى ابْن حزم أَن فيهمَا حديثين مَوْضُوعَيْنِ وَلَكِن الْحفاظ انتقدوه عَلَيْهِ وَقد اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على إِخْرَاج حَدِيث مُحَمَّد بن بشار بنْدَار وأكثرا من الِاحْتِجَاج بِهِ وَتكلم فِيهِ غير وَاحِد من الْحفاظ وَغير ذَلِك من رجالهما الَّذين تكلم فيهم فَتلك الْأَحَادِيث عِنْد هَؤُلَاءِ لَا يتلقونها بِالْقبُولِ وَإِن أَرَادَ أَن غَالب مَا فيهمَا سَالم من ذَلِك لم تبْق لَهُ حجَّة فَإِنَّهُ إِنَّمَا احْتج بتلقي الْأمة وَهِي معصومة على مَا قَرَّرَهُ وَأَيْضًا فقد حكى فِيمَا سبق عَن أبي عَليّ الْحَافِظ أَن كتاب مُسلم أصح ورد عَلَيْهِ فِيهِ القَوْل فقد أجْرى فيهمَا التَّرْجِيح وَالتَّرْجِيح لَا يكون مَعَ الْقطع بِصِحَّة