ما بوب به فيحتاج إلى مستدل لصحة دعواه1 والاستدلال إنما ينبغي أن يكون بما يصلح أن يحتج به، وأما من يصنف على المسانيد فإن ظاهر قصده جمع حديث كل صحابي على حدة سواء أكان يصلح للاحتجاج به أم لا.
وهذا هو ظاهر من أصل الوضع بلا شك، لكن جماعة من المصنفين في كل من الصنفين خالف أصل موضوعه فانحط وارتفع، فإن/ (?59/أ) بعض من صنف الأبواب قد أخرج فيها الأحاديث الضعيفة بل والباطلة إما لذهول عن ضعفها وإما2 لقلة معرفة بالنقد.
وبعض من صنف على المسانيد انتقى أحاديث كل صحابي فأخرج أصح ما وجد من حديثه. كما روينا عن إسحاق بن راهويه أنه انتقى في مسنده أصح ما وجده من حديث كل صحابي إلا أن لا يجد ذلك المتن إلا من تلك الطريق، فإنه يخرجه. ونحى بقي بن مخلد في مسنده نحو ذلك. وكذلك صنع أبو بكر البزار قريبا من ذلك وقد صرح ببعض ذلك في عدة مواضع من مسنده فيخرج الإسناد الذي فيه مقال ويذكر علته، ويعتذر عن تخريجه بأنه لم يعرفه إلا من ذلك الوجه.
وأما الإمام أحمد، فقد صنف أبو موسى المديني3/ (ب119) جزءا كبيرا ذكر فيه أدلة كثيرة تقتضي أن أحمد انتقى مسنده وأنه كله صحيح عنده وأن ما أخرجه فيه عن الضعفاء إنما هو في المتابعات، وإن/ (ي101) كان أبو موسى قد ينازع في بعض ذلك، لكنه لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديثا وأتقن رجالا من غيره.
وهذا يدل على أنه انتخبه.