وقالوا: تَطبيبُ القلبِ للعلمِ، كتَطبيبِ الأرضِ للزَّرعِ)) (?).
ويتخلقُ بالمحاسنِ التي وردَ الشرعُ بها وحثَّ عليها، منَ الزهدِ في الدنيا، والتقلّلِ منها وعدمِ المبالاةِ بفواتِها، والسخاءِ، والجودِ، والحلمِ، والصبرِ، ومكارمِ
الأخلاقِ، وطلاقةِ الوجهِ، من غيرِ خروجٍ إلى حدِّ الخلاعةِ، مع اجتنابِ الضحكِ، والإكثارِ من المزحِ، وملازمةِ الآدابِ الشرعيةِ من التنظُّفِ بإزالةِ الأوساخِ والروائحِ الكريهةِ، والحذرِ من الحسدِ، والرياءِ، والإعجابِ، والاحتقارِ لمنْ دونهُ؛ لأنَّ حكمةَ اللهِ اقتضتْ إقامةَ كلٍّ فيما أقامهُ.
ومن علمَ أنَّ الخلقَ لا ينفعونَهُ لم يُرائِهمْ، وَمَنْ علمَ أنَّ نِعَمَهُ من اللهِ لم يُعْجَبْ، ولا يُذِلُّ العلمَ بذهابهِ إلى من يتعلمُهُ، وإنْ [كانَ المتعلم] (?) كبيرَ القدرِ، فإن اقتضتهُ مصلحةٌ راجحةٌ على مفسدةِ ابتذالهِ رجونا أنه لا بأسَ بهِ)) (?).
قالَ حمدانُ بنُ الأصبهانيّ: ((كنتُ عندَ شَرِيكٍ - رحمهُ الله -، فأتاهُ بعضُ أولادِ المهدي، فاستندَ إلى الحائِطِ، وسألهُ عن حديثٍ، فلم يلتفتْ إليهِ، وأقبلَ علينا، ثم عادَ، فأعادَ بمثلِ ذلكَ، فقالَ: كأنّكَ تستخِفُّ بأولادِ الخلفاءِ؟ فقالَ شريكٌ: لا، ولكنَّ العلمَ عندَ اللهِ أجلُّ منْ أنْ أضعَهُ، فجثا على ركبتيهِ، فقال شريكٌ: هكذا يُطلبُ العلمُ)) (?).
قولُهُ: (عزمَ الله) (?)، أي: أراد وقدَّرَ، إرادةً وتقديراً أنفذَهما وأمضاهما، بأنْ خلقَ القدرة على الفعلِ وجعلَ للفاعلِ عزماً على ذلكَ ماضياً / 242ب / لا أنَّه أرادَ