وأمّا مراسيلُ الصحابةِ فإنَّهم لا يُعبرونَ عنها بلفظِ السماعِ، فافترقَ الحالُ، والله أعلم.

قولهُ: (منَ الحديثِ شَمُّهُ) (?) قالَ ابنُ الصلاحِ لما ذكرَ أنَّ مثلَ ذلك تساهلٌ بعيدٌ: ((وقد رُوِّينا عن أبي عبدِ اللهِ بنِ منده الحافظِ الأصبهانيِّ أنَّه قال لواحدٍ من أصحابهِ: يا فلانُ، يكفيكَ منَ السَّماعِ شمُّهُ، وهذا إمَّا متأولٌ أو متروكٌ على قائلهِ، ثم وجدتُ عن عبدِ الغنيِّ بنِ سعيدٍ الحافظِ، عن حمزةَ بنِ محمدٍ الحافظِ بإسنادِهِ، عن عبدِ الرحمانِ بنِ مهديِّ أنَّه قالَ: يَكفيكَ منَ الحديثِ شَمُّهُ.

قال عبدُ الغنيِّ: قال لنا حمزةُ: يعني: إذا سُئلَ عن أولِ شيءٍ عرفهُ، وليس يعني التَّسَهُّلَ في السَّماعِ)). (?) انتهى.

وهو يَرجِعُ إلى الحَثِّ على الحفظِ والفَهْمِ بحيثُ إنَّه يَصيرُ إذا سُئِلَ عن حَديثٍ يَكفيهِ في مَعرفتِهِ ذكرُ طَرفِهِ، فإذا ذُكِرَ له طَرفٌ منه عرفَ ذلك الحديثَ المرادَ بالسؤالِ عنه، وبادرَ إلى ما أريدَ منَ جوابِهِ.

قولهُ: (إذا أوّل شيءٍ سئلاً عرفَهُ) (?) ((أولُ)) مَرفوعٍ بفعلٍ مَحذوفٍ يَدلُّ عليه الشرطُ الذي هو ((سُئلَ))، أي: إذا ذُكرَ له أولُ شيءٍ منَ الحديثِ على جهةِ السؤالِ عنه عَرفَ الحديثَ كلَّه، ويجوزُ أنْ يكونَ منصوباً بنزعِ الخافضِ، أي: إذا سُئل عَن أوَّلِ شيءٍ منَ الحديثِ عرفَ الحديثَ.

قولهُ في قولهِ: (وإنْ يُحدِّثْ) (?): (عرفتَهُ) (?) الضميرُ المنصوبُ فيه للمُحدِّثِ، فالتقديرُ: وإنْ يحدِّثْ من وراءِ سترٍ محدِّثٌ عرفتَهُ. هذا على تقديرِ أنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015