قولُهُ: (ممَّنْ يُجْمَعُ حديثه) (?)، أي: ممّن هو في جلالتِهِ في إمامتِهِ، وكثرة حديثه، بحيث يُجمع حديثُهُ، وإنْ لم يجمع بالفعلِ، وليسَ المعنى ممّن جرتْ عادة المحدّثينَ بأنْ جمعوا حديثهم حَتّى يكون قيداً.
قولُهُ: (فإِذَا رَوى الجَماعةُ عَنهم) (?)، أي: إذا رَوى عنْ هؤلاءِ الأئمةِ، الذينَ هم، بحيثُ يجمع حديثَهم الجماعة الثلاثة فما فوقها، سمي ذلكَ الحديث مشهوراً، هكذا كنت فهمته ثمّ رأيتُ في تعاليق عَنْ شيخنا: أنَّ اللامَ في الجماعةِ، وإنْ كانتْ للجنسِ، فإنّها للأربعةِ فصاعداً؛ لأنَّه قد تقدّم أنّه سمى ما رواه ثلاثةٌ عزيزاً، ولم يتعقبه ابنُ الصلاح ولا الشيخُ، والذي استقرَّ عليهِ الاصطلاحُ، وهو الذي في النظمِ، أنَّ العزيزَ: ما انفردَ بروايتِهِ اثنانِ في موضعٍ ما من سندِهِ، هكذا قال.
ويمكن ردُّ كلام ابن منده إليه، فإنَّهُ ذكر أنَّه إذا انفردَ راويان كانَ عزيزاً، وإنّما ذَكَرَ الثلاثةَ في العزيز تنبيهاً على أنَّهُ يكفي في تسميتهِ عزيزاً أنْ ينفردَ به اثنانِ في موضعٍ واحدٍ مِنْ سنده، وإن كان مشهوراً في باقي السندِ كلّه؛ لئلا يتوهم أنَّه يشترط في تسميتِهِ عزيزاً، أنْ يرويه اثنان عن اثنين في جميعِ سندهِ منْ غير زيادةٍ، فإنَّ بعضهم شَرَطَ ذلك، وأنكره ابنُ حبانَ / 263 ب / شرطاً ووجوداً، قالَ شيخُنا في شرحه " للنّخبة " (?): ((وسمِّي بذلك؛ إمّا لقلَّةِ وجودِهِ؛ وإمّا لكونِهِ عَزَّ، أي: قوي بمجيئِهِ مِنْ طريقٍ أُخرى، ولَيْسَ شَرْطاً لِلصَّحِيحِ، خِلافاً لِمَنْ زَعَمَهُ، وهُو أبو عليٍّ الجُبَّائي (?) من المعتزلة، وإِليه يومئ كلامُ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ في
"علوم الحديث"