وأحسنُ منه فيما يظهرُ لي أنْ تكونَ العبارةُ على ظاهرِهَا، ويعللَ بأنّ العلوَّ قلَّ أنْ يوجدَ معَ غايةِ الإتقانِ؛ لأنّهُ يتوقفُ عَلى حداثةِ الآخذِ وعلوّ سنِّ المأخوذِ عنهُ، وقلّ أنْ يوجدَ في واحدٍ منَ السِّنَّينِ تمامُ الضبطِ، ويؤيدُ هذا ما رَوَى ابنُ خلاّدٍ بعدَ هذا في مَن لا يرى الرحلةَ، عنْ عمرَ (?) بنِ يزيدَ السّيّاريِّ أنّهُ قالَ: ((دخلتُ عَلى حماد بنِ زيدٍ وهوَ شاكٍ فقلتُ: حدَّثني بحديثِ غيلانَ بنِ جريرٍ (?)، فقالَ: يا فتى، سألتُ غيلانَ بنَ جريرٍ وهو شيخٌ، ولكن حَدَّثَني أيوبُ، قلتُ: حدّثني بهِ عنْ أيوبَ، فَحَدَّثَني)) (?).
فهذا وجهُ تفضيلِ النّزولِ في الجملةِ.
وأمّا أنّهُ يخصُّ منْ يجعلُ الخبرَ أقوى منَ القياسِ وهم الجمهورُ، فلا يظهرُ وجهُهُ، ولا حُسن العبارةِ عندَ إرادتِهِ، وقد راجعتُ نسختينِ منَ "المحدّثِ الفاصلِ"، إحديهما بخطِّ الحافظِ أبي طاهرٍ أحمدَ بنِ محمدٍ السِّلفيِّ، فوجدتُ العبارةَ كمَا نُقِلَ عنه، والذي أكادُ أقطع بهِ معَ ذلكَ أنها مقلوبةٌ وأنّ أصلَهَا ((هذا مذهبُ منْ يزعمُ أنَّ القياسَ أقوى منَ الخبرِ)) فإنَّ مَا يعبرُ فيهِ بـ ((الزعمِ)) يكونُ مرذولاً، وقائلُهُ قليلاً، والذينَ يقدّمونَ القياسَ ويجوّزونَ فسخَهُ بهِ قليلٌ جداً، وأمّا