الشّيخانِ (?) وغيرُهُمَا (?) عنْ أنسٍ - رضي الله عنه - وهذا لفظُ مسلمٍ قالَ: ((كنا نُهِينَا في القُرآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْل البَادِيَةِ، العَاقِلُ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمعُ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: ياَ مُحَمَّدُ، أتانَا رَسُولُكَ، فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ [تَزْعُمُ] (?) أَنَّ الله أَرْسلَكَ؟ قَالَ: صَدَقَ ... )) الحديث.

قوله: (لأنكرَ عليهِ) (?) إنْ قيلَ عدمُ إنكارِهِ إنّمَا يفيدُ جوازَهُ، قيلَ: لما كانت الرحلةُ لهذا - المصاحبةُ لإجهادِ النّفسِ وإنفاقِ المالِ وإنضاءِ الظهرِ بعدَ إخبارِ رسولِهِ العدلِ - تشبهُ أنْ تكونَ تعنّتاً، وأقرّهُ عليها - صلى الله عليه وسلم - ولمْ ينهَ عنها، معَ تضمُنِهَا لفتحِ مَا ربما جرَّ إلى مفسدةِ التعنّتِ، عُلِمَ أنْ الإقرارَ لمصلحةٍ راجحةٍ وهي علوُّ الإسنادِ والانتقالُ منَ الظنِّ إلى القطعِ، وهكذا كلّ سندٍ، فإنَّ الراويَ / 254 ب / إذا سَمِعَ الحديثَ عنْ موجودٍ أفادَهُ سماعُهُ الظنَّ بأنَّ ذلكَ الموجودَ قالَهُ، فإذا رَحَلَ إليهِ وسمعَهُ منهُ قطعَ بأنّهُ قالَهُ، فإنْ قيلَ: إنّمَا جاءَ ليتشرفَ برؤيةِ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قيلَ: لا يمنعُ أنْ يكونَ ذلكَ منْ مقاصدِهِ لكنَّ ابتداءهُ قدومهِ بالسؤالِ وهوَ واقفٌ، ورجوعه عقبَ فراغهِ منْ غيرِ مُكثٍ لحظةً واحدةً بعدَهُ يدلُّ على أنَّ المقصودَ الأعظمَ إنّما هو علوّ الإسنادِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015