ولا يُحمّلُ نفسهُ ما لا يطيقُ مخافةَ المللِ، وهذا يختلفُ باختلافِ الناسِ.
وينبغي أنْ يغتنمَ التحصيلَ في وقتِ الفراغِ والنشاطِ، وحالِ الشبابِ، وقوةِ البدنِ، ونباهةِ الخاطرِ، وقلةِ الشواغلِ قبلَ عوارضِ البطالةِ وارتفاعِ المنزلةِ.
فقد رَوينا عنْ عمرَ - رضي الله عنه -: تفقّهوا قبلَ أن تُسَوَّدوا (?).
وقالَ الشافعيُّ: تفقه قبلَ أنْ ترأسَ، فإذا رأستَ فلا سبيلَ إلى التَّفقُّهِ (?))) (?). انتهى.
وهذهِ المعاني كلها تدورُ على بذلِ الجهدِ في الطلبِ وعدمِ الفتورِ (?) مما يشتغلُ عنهُ، ووجودُ البواعثِ للدلالةِ على عشقهِ وإيثارهِ على كلِّ شيءٍ، ولا يكونُ هذا إلا بعنايةٍ منَ اللهِ، واللهُ الموفقُ.
قولُهُ: (ويعمدُ إلى أسندِ شُيُوخ) (?) هو أفعلُ تَفضيل منَ السَّنَدِ، فيحتملُ أنْ يكونَ: أعلاهمْ سَنداً، أو أتقنهم سَنداً، أو أعرفهمْ بالأسانيدِ ونحوه، وينبغي مع ذلك البداءةُ بالأفرادِ فمن تفرّدَ بشيءٍ أخذهُ عنه أولاً، وإنْ لمْ يكنْ أسنَدهُم.
قولُهُ: (أنْ يتخيَّرَ المشهُورَ مِنهُمْ) (?) قالَ الشيخُ محيي الدينِ: ((قالُوا: وَلا يأخذُ إلا ممن كملتْ أهليتُهُ، وظهرتْ ديانتُهُ، وتحققتْ معرفتُهُ، واشتهرتْ صيانتُهُ