لكنه يؤيد ما روته عائشة: ما في "صحيح مسلم" عنها، أنها قالت: يا رسول الله! كيف أقول إذا زرت القبور؟ قال: "قولي: السلام على أهل الدّيار من المؤمنين ... " الحديث.
وروى الحاكم: أن فاطمة - رضي الله عنها - كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة.
ويُجمع بين الأدلة: بأن المنع لمن كانت تفعل في الزّيارة ما لا يجوز من نَوْحٍ ونحوه، والإذن لمن لم تفعل ذلك.
أقول: استدلوا للجواز بأحاديث الإذن العام بالزيارة، وغيرُ خافٍ على عارف بالأصول؛ أن الأحاديث الواردة في النهي للنساء عن الزيارة، والتشديد في ذلك، حتى - صلى الله عليه وسلم - من فعلت ذلك؛ بل وردت أحاديث صحيحة في نهيهن عن اتباع الجنائز، فزيارة القبور ممنوعة منهن بالأَوْلى، وشدد في ذلك حتى قال لِلبَتول - رضي الله عنها -: "لو بَلَغْتِ معهم -يعني: أهل الميّت- الكُدى؛ ما رأيت الجنّة حتّى يراها جدّ أبيك"؛ فهذه الأحاديث مخصّصة لأحاديث الإذن العام بالزيارة" (?).
قال الفقير إلى عفو ربِّه: هذه إحدى المسائل الشائكة لعدم توفر الآثار الثابتة عن الصحابة الّتي تقضي وتفصل بين أقوال المختلفين فيها من أهل العلم، وسبب اختلافهم: ما يظن من تعارض الأحاديث المرفوعة.
فمنهم: من ذهب إلى المنع مطلقًا؛ مستدلًا بما رواه أحمد (?)، والترمذي (?)، وابن ماجه (?)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لعن زوارات القبور".