-رَضِيَ الله عنهم-، وَلم يُنقَلْ عن واحدٍ منهُمْ أَنه أَمَرَ بِتحرِيك الماءِ السّاكِن قَبْلَ الْوُضوءِ!!
الثالث: أَن هذا الوَصفَ -وَهُوَ كونُه ساكِنًا- لَيْسَ هُو مَناطَ الحُكْم؛ بدليلِ أَن الشارعَ لمْ يَنْهَ كل أَحدٍ عَنِ استِعمالِه؛ وإنما خَصَّهُ بالْجُنُب ومَنْ يبُولُ، فدَل على أَن العِلَّةَ الْمُؤَثِّرَةَ (سَدُّ ذَرِيعَةِ فَسادِ الْماء)، وهذا هوَ الذي فهِمَه أَبو هريرةَ -رَضِيَ الله عنه-.
7 - قال المصَنِّف (?):
"وَمُسْتَعْمَلٍ وغيرِ مُسْتَعملٍ: هذِه المسأَلةُ السادسةُ من مسائِل الْباب، وقد وقع الاختلاف بين أَهل العلم في الماء المستعمل لعبادة من العبادات؛ وهل يخرج بذلك عن كونه مطَهِّرًا أَمْ لا؟
فحكي عن أَحمد بن حنبل، والليث، والأَوزاعي، والشافعيُّ ومالك -في إحدى الرّوايتين عنهما-، وأَبي حنيفة- في رواية عنه -: أَنّ الماء المستعمل غير مطهر، واستدلّوا بما تقدَّم من حديث النّهي عن الاغتسال في الماء الدّائم.
ولا دلالة له على ذلك؛ لأَنّ علَّة الثهي عن التطهير به ليست كون ذلك الماء مستعملًا؛ بل كونه ساكنًا، وعلةُ السُّكونِ؛ لا مُلازَمَةَ بيْنَها وبَيْنَ الاستِعمال".
قال الفقير إلى عفو ربه: نَهْيُه - صلى الله عليه وسلم - عنِ اغْتِسالِ الْجُنُب فِيه: لا يدلُّ على أَنّه نَجسٌ بِمُجَرَّدِ الاغْتِسالِ؛ إذْ ليس في اللفْظِ ما يدُل على ذلك؛ بل نَهْيُه - صلى الله عليه وسلم - سَدٌّ للذرِيعَةِ، أَوْ يقال: إنَّه مكروهٌ بمجَرَدِ الطبعِ؛ لا لأَجلِ أنَّه ينجسُهُ.
8 - قال الْمصَنِّف (?):
"فالحَق: أَن الْمُستَعْمَلَ طاهِرٌ وَمُطهرٌ؛ عملًا بالأَصل وبالأَدِلَّةِ الدّالةِ على أنّ الماءَ طَهُورٌ".