ووجه ذلك: أَنّ الماء الّذي شرع لنا التطهير به هو الماء المطلق الذي لم يُضف إلى شيء من الأُمور التي تخالطُه، فإنْ خالطه شيءٌ أَوجب إضافتَه إليه -كما يقال: ماء ورد، ونحوُه-؛ فليس هذا الماء المقيدُ بنسبَتِه إلى الورود -مثلًا- هو الماءَ المطلقَ الموصوفَ بأَنه طَهور في الكتاب العزيز؛ بقوله -سبحانه-: {مَاءً طَهُورًا (48)} (?)، وفي السُّنةِ المُطهَّرة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طَهور"؛ فخرجِ بذلك عن كونه مطهرًا، ولم يخرج به عن كونه طاهرًا؛ لأَن الفرض أن الذي خالطه طاهر، واجتماعُ الطاهِرَيْن؛ لا يوجِبُ خُروجَهما عن الوصفِ الذي كان مستحَقا لكلّ واحدٍ منهُما قبل الاجتِماع".
قال الفقير إلى عفو ربه: ثبت في "الصَّحيح" من حديثِ ابن عبّاسِ -رضي الله عنهما- في الرَّجل الذي وقَصَتْهُ راحِلَتُه: "أَنَّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهم بغَسْله بماءٍ وسِدْرِ" (?).
ولا ريبَ أَن السِّدْرَ سوفَ يُغَيِّرُ لونَ الماء.
وثبت -أَيضًا- في "الصَّحيح":
"أَن الرّسولَ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ اللاتي يَغْسِلْنَ ابْنَتَه؛ أَن يَغْسِلْنَها بماءٍ وسِدر، ويجْعَلْنَ في آخِرِهنَّ كافورًا -أَو شيئًا من الكافور-" (?).
وثبتَ عند النَّسائِي (?) وغيرِه:
أَن النبِي - صلى الله عليه وسلم - اغْتَسَل هو وبعضُ أَزواجِه من قَصعةٍ فيها أَثرُ عَجِينٍ.
وثبتَ عندَ الترمذي (?) وغيرِه؛ مِنْ حديث قَيْسِ بْنِ عاصِمٍ:
"أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَه أَنْ يغْتَسِلَ بماءٍ وسِدر".