نعم، هذا لا يلزمُ منه توهينُ الراوي -إلا أن يصرحا بضعفه، أو يتفق الأئمة على ذلك- ولكن يدل ذلك على أنهما لم يرياه صالحا للاحتجاج، ولا ما عنده ناهضا للاستشهاد.
وقد دَأَبَ غيرُ واحد من المحققين على غمز الراوي -لا سيما المختلف فيه- بعدم إخراج صاحبي "الصحيح" له، تدعيما لمن ضعفه على من أَجمل فيه القولَ.
من هؤلاء: البيهقي، فقد ذكر ذلك في جماعة من الرواة في كتابه "السنن الكبرى".
قاله في: عبد خير (1/ 292)، وداود بن عبد اللَّه الأودي (1/ 190)، وقيس بن عباية (2/ 52)، والأجلح بن عبد اللَّه (10/ 267) (?).
قال في كُلٍّ من هؤلاء: لم يحتج به صاحبا "الصحيح".
وخليد بن جعفر (6/ 71) قال فيه: لم يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في كتاب "الصحيح"، وأخرج مسلم بن الحجاج حديثه الذي يرويه مع المستمر بن الريان عن أبي نضرة عن أبي سعيد في المسك وغيره. اهـ.
ولخليد هذا في صحيح مسلم ثلاثة أحاديث: أحدها هذا الذي أشار إليه البيهقي، وهو برقم (2252) مقرون بالمستمر بن الريان. والثاني برقم (1738) وقد أعقبه أيضًا بمتابعة المستمر بن الريان عن أبي نضرة. والثالث برقم (2341) من رواية شعبة عنه عن أبي إياس عن أنس أنه سئل عن شيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ما شانه اللَّه ببيضاء. أخرجه في آخر باب شيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد قدَّم عليه حديث أنس من طرق أخرى أصح من هذه، وفيها قول أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان به شعرات قليلة بيضاء.
وسيأتي مزيدُ بيانٍ لإخراج صاحبي "الصحيح" للرجل في الشواهد ونحوها دون الأصول، وذلك في الأمر التالي، واللَّه الموفق.