قال: "ثم جاء والدي رحمه الله لزيارتنا، ومكث هناك مدّة، سألني عمّا أقرأ في المكتب، فأخبرته، ثم قال لي: فالنحو؟ فأخبرته أنه لا يُدرس في المكتب، فقال: أدرسه على أخيك، ثم كلّم أخي أن يُقرر لي درسًا في النحو، فكان يُقْرِئني في "الأجرومية" مع "شرح الكفراوي".
استمر ذلك نحو أسبوعين، ثم سافرت مع والدي ولا أدري ما الذي استفدته تلك الأيَّام من النحو، غير أن رغبتي اتجهت إليه، فاشتريت في الطريق بعض كتب النحو.
ولمّا وردتُّ بيت "الريمي" وجدتُ أحمد بن مصلح الريمي رحمه الله ... وقد كان تعاطى طلب النحو، وكانت معه كراسة فيها قواعد وشواهد وإعرابات، فاصطحبنا، وكنا عامّة أوقاتنا نتذاكر، ونحاول إعراب آيات، أو أبيات، وكنا نستعين بتفسيريِّ "الخازن" و"النسفي" وأخذتْ معرفتى تتقوّى، حتى طالعت "مغني ابن هشام" نحو سنة وحاولت تلخيص قواعده المهمة في دفتر، وحصلتْ لي بحمد الله تعالى ملكةٌ لا بأس بها، في حالِ أن زميلي لم يحصل على كبير شيءٍ، وكان مني بمنزلة الآلة" (?).
قال: "ثم ذهبتُ إلى بلدنا "الطُّفن" ورأى والدي أن أبقى هناك مُدّةً لأقرأ على الفقيه العلّامة الجليل: أحمد بن محمد بن سليمان المعلمي، وكان متبحرًا في العلم، مكث بزبيد مدّة طويلة، ثم عاد بعلمه إلى جهتنا، ولم يستفيدوا من علمه إلّا قليلًا".