فالاستدلال بوصف حديث سليمان بن بريدة، عن أبيه بـ "الحسن" على أن البخاري يرى صحة سماع سليمان من أبيه -مع ما مَرَّ شرحُه- استدلالٌ في غاية البُعد، والله تعالى الموفق.

وأما رواية عبد الله بن بريدة، عن أبيه فلم يسلك فيها البخاري مسلك رواية أخيه سليمان، فلم يقل: لم يذكر عبد الله سماعا من أبيه، ولا أعرض عن إخراج حديث عبد الله عن أبيه في صحيحه، بل اكتفى بقوله في ترجمته من "التاريخ الكبير": (5/ 51): "عن أبيه سمع سمرة، ومن عمران بن حصين".

ففرَّق بين (عن) أبيه و (سمع) سمرة. وعلَّق مغلطاي على هذا الموضع من ترجمة عبد الله من كتابه "الإكمال" بأن فيه إشعارا بل جزما بانه لم يسمع منه. اهـ.

لكن لا يتساوى صنيع البخاري في ترجمة سليمان وعبد الله من هذه الزاوية، فترجمة سليمان أصرح فى المراد.

وبالنظر في الحديثين الذين خرجهما البخاري لعبد الله بن بريدة، عن أبيه في كتاب "المغازي" نلاحظ ما يلي:

الحديث الأول: رقم (4350)

أخرجه البخاري في باب: "بعث علي بن أبى طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع" الحديث الثانى في الباب.

قال البخاري: "حدثني محمد بن بشار حدثنا روح بن عبادة حدثنا علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- عليا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فلما قدمنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت: نعم.

قال: لا تبغضه، فإن له فى الخمس أكثر من ذلك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015