أقول:
ليس في تصحيح هؤلاء في قضيتنا هذه مدخل، إنما النظر في تحسين البخاري -بحسب حكاية الترمذي عنه-، فيقال: لو افترضنا أن معنى "الحسن" عند البخاري يفيد وصف الحديث بالقوة أو بدرجة ما من القبول، فما أَدْرَى العوني -أو غيره- أن مقتضيات "الحسن" عند البخاري هي مقتضيات "الصحيح"، حتى يقال إن تحسين البخاري لتلك الرواية يدل على صحة السماع المذكور؟
والبخاري لم يخرج في "جامعه" شيئا مما رآه -بحسب نقل الترمذي- أصح الأحاديث عنده في المواقيت، ولم يذكر شيئا منه في بابه، مع شدة الحاجة إليه؛ لأنه بوَّب عليه، ولم يذكر فيه سوى حديث أبي مسعود الأنصاري، وليس فيه بداية وقت كل صلاة ونهايتها، وهو بيت القصيد فيه.
وأحاديث المواقيت يمكن تقسيمها بطريقتن:
الأولى:
1 - ما كان منها في إمامة جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يومين متتالين، يصلي به الصلوات الخمس في اليوم الأول لأول أوقاتها، وفي الثاني لآخر أوقاتها، فيكون وقت كل صلاة بين هذين الوقتين.
وقد رُوي حديثُ إمامة جبريل عن جماعة من الصحابة، منهم: جابر، وابن عباس، وابن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد. وتكاد تتفق تلك الروايات في سياق مواقيت الصلوات.
2 - ما كان منها حكاية عن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيانه لتلك المواقيت، وممن رُوي عنه ذلك: عبد الله بن عمرو، وبريدة، وأبي موسى.