إذًا، فسواء توقف الناقد فى ثبوت الاتصال، أو جزم بالانقطاع، فالنتيجة واحدة من حيث عدم القبول، وإن كان الأولُ أخفَّ باعتبار أنه يحتمل أن يقف الناقد فيما بعدُ على شرطه فى الاتصال. لكن إذا وجدنا الناقد ينفي علمه بثبوت ما يدل على الاتصال فى كتابٍ مصنف له، فهل نقول مع ذلك: إنه متوقف فقط، غير جازم بالانقطاع، لعله يقف على ما نفاه بعد ذلك؟ فيه بُعدٌ واضحٌ.

هذه هى ثمرة التفريق بين التوقف فى ثبوت الاتصال، والجزم بالانقطاع، وهو افتراض جدلي، لا يُعوِّل عليه أحدٌ فيما أعلم؛ لأن الأصل أن نفي الإمام ما ذكرنا لا يكون إلا مع استقصاء البحث والنظر.

إذًا، فكلام ابن القطان إذا كان تقسيما من حيث التسمية فقط، فلا بأس، أما مِن حيث الحُكم فحسبما قدمنا.

ولذا فقد تعقبه الذهبي بكلام عمليّ إذ قال: بل رأيهما دال على الانقطاع. يعني بذلك الانقطاع الحكمي، وهو المعتبر هنا.

وموقف الذهبي -فى ضوء ما حررتُه آنفا- منضبطٌ لا إشكال فيه، وليس فيه غرابةٌ ولا اضطرابٌ كما زعم العوني.

ص (22):

قول العوني: فلم خشي مسلم الإرسال مع تحقق المعاصرة الطويلة؟

أقول:

لم يذكر العوني القرينة التى راعاها مسلم في نفي سماع الحسن من عمران -إذا صحَّ ما نسبه الحاكم إلى مسلم - والبخاري- في جزمهما بهذا النفي.

ومن الدلائل البينة التى تُراعَى في سماع المتعاصرين، والتي لا يسعُ مسلما ولا غيره إهمالها: ورود نفي السماع من إمام معتمد في هذا الباب، كيحيى القطان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015