علمًا يقينًا سلامة دينهم وأنه لا مغمز فيهم البتة (?).
وكان محمد بن بشر الزنبري (?) محدثا يسمع منه الناس، فاتفق أن خرج أمير البلد لسفر، فخرج الزنبري يُشَيِّعُه، فنقم أهل الحديث عليه ذلك وأهانوه ومزقوا ما كانوا كتبوا عنه.
وكثيرا ما كانوا يُكذبون الرجل ويتركون حديثه لخبر واحد يتهمونه فيه، وتجد من هذا كثيرًا في "ميزان" الذهبي وغيره. وكذلك إذا سمعوه حدث بحديث ثم حدث به بعد مدة على وجه ينافي الوجه الأول.
وفي "الكفاية" (ص 113) عن شعبة قال: "سمعت من طلحة بن مصرف حديثًا واحدًا وكنت كما مررت به سألته عنه ... أردت أن انظر إلى حفظه، فإن غَّير فيه شيئًا تركته".
وكان أحدهم يقضي الشهر والشهرين يتنقل في البلدان يتتبع رواية حديث واحد، كما وقع لشعبة في حديث عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر (?)، وكما وقع لغيره في الحديث الطويل في فضائل السور.
ومن تتبع كتب التراجم وكتب العلل بأن له من جدهم واجتهادهم ما يحير العقول.
وكان كثير من الناس يحضرون أولادهم مجالس السماع في صغرهم ليتعودوا ذلك، ثم يكبر أحدهم فيأخذ في السماع في بلده، ثم يسافر إلى الأقطار ويتحمل السفر الطويل والمشاق الشديدة، وقد لا يكون معه إلا جراب من خبز يابس يجعله على ظهره، يصبح فيأخذ كسرة ويبلها بالماء ويأكلها ثم يغدو للسماع، ولهم في هذا قصص كثيرة.