شَابًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ الله فَقَالَ: رَأَيْتُ رَبِّي.
ثُمَّ بَعْدَمَا فسَّر هَذِهِ التَّفَاسِيرَ المَقْلُوبَةَ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي وَضَعَتْهَا الزَّنَادِقَةُ فَدَسُّوهَا فِي كُتُبِ المُحَدِّثِينَ.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ الأَحْمَقِ، الَّذِي تَتَلعَّبُ بِهِ الشَّيَاطِينُ: وَأَيُّ زِنْدِيقٍ اسْتَمْكَنَ مِنْ كُتُبِ المُحَدِّثِينَ مِثْل حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَسُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، وَمَالِكٍ، وَوَكِيعٍ، وَنُظَرَائِهِمْ فَيَدُسُّوا مَنَاكِيرَ الحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ؟ وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ أَصْحَابَ حِفْظٍ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الكُتُبِ كَانُوا لَا يَكَادُونَ يُطْلِعُونَ عَلَى كُتُبِهِمْ أَهْلَ الثِّقَةِ عِنْدَهُمْ فَكَيْفَ الزَّنَادِقَةُ؟
وَأَيُّ زِنْدِيقٍ كَانَ يَجْتَرِئُ عَلَى أَنْ يَتَرَاءَى لِأَمْثَالِهِمْ وَيُزَاحِمَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ؟، فَكَيْفَ يَفْتَعِلُونَ عَلَيْهِمُ الأَحَادِيثَ وَيَدُسُّوهَا فِي كُتُبِهِمْ؟
أَرَأَيْتَكَ أَيُّهَا الجَاهِلُ إِنْ كَانَ الحَدِيثُ عِنْدَكَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ؛ فلِمَ تَلْتَمِسُ لَهُ الوَجْهَ وَالمَخَارِجَ مِنَ التَّأْوِيلِ وَالتَّفْسِيرِ، كَأَنَّكَ تُصَوِّبُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ أَفَلَا قُلْتَ أَوَّلًا: إِنَّ هَذَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَة فَتَسْتَريحَ وتُريحَ العَنَاء وَالِاشْتِغَالَ بِتَفْسِيرِهِ، وَلَا تَدَّعِيَ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ فَرَأَى شَابًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ الله تَعَالَى فَقَالَ: هَذَا رَبِّي، غَيْرَ أَنَّكَ خَلَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ؛ فَوَقَعْتَ فِي تَشْوِيشٍ وَتَخْلِيطٍ لَا تَجِدُ لِنَفْسِكَ مَفْزَعًا إِلَّا بِهَذِهِ التَّخَالِيطِ، وَلَنْ يُجْدِيَ عَنْكَ شَيْئًا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَكُلَّمَا أَكْثَرْتَ مِنْ هَذَا وَشَبَهِهِ؛ ازْدَدْتَ بِهِ [53/ظ] فَضِيحَةً؛ لِأَنَّ أَحْسَنَ حُجَجِ البَاطِلِ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ.
وَرَوَى المُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الله بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه -، أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ فَقُلْتُ: لَا عِلْمَ لِي يَا رَبِّ فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي،