يَكُنْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ فِيهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا أَوْلَى فِيهِ بِالحَقِّ مِنَّا؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى أَثْنَى عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: 100]، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: بَلْ نَعْرِضُهَا عَلَى رَأْيِنَا فِي الكِتَابِ، فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا صَدَّقْنَاهُ وَمَا خَالَفَهُ تَرَكْنَاهُ، وَتِلْكَ غَايَةُ كُلِّ مُحدِث فِي الإِسْلَامِ: رَدُّ مَا خَالَفَ رَأْيَهُ من السّنة» (?).

وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِلْحَسَنِ البَصْرِيِّ: لَا تُفْتِ النَّاسَ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ الحَسَنُ: «رَأْيُنَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ آرَائِهِمْ لِأَنْفُسِهِم» (?).

وَكَيْفَ تَسْأَلُ أَيُّهَا المُعَارِضُ بِشْرًا عَنِ التَّقْلِيدِ، وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ دِينَهُ قَائِلَ القُرْآنِ وَمُنْزِلَهُ، وَلَا الرَّسُولَ الَّذِي جَاءَ بِهِ، حَتَّى عَارَضَهُمَا فِي صِفَاتِ الله - عز وجل - وَكَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا عَنَيَا، وَفَسَّرَ عَلَيْهِمَا بِرَأْيِهِ خِلَافَ مَا أَرَادَا؟

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: إِنِّي سَألتُ بِشْرًا المَرِيسِيَّ عَنْ قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]؟ فَقَالَ بِشْرٌ: كَوَّنَهُ كَمَا شَاءَ بِغَيْر «كُنْ».

أَو مَا وَجَدْتَ أَيُّهَا المُعَارِضُ فِيمَنْ رَأَيْتَ مِنَ المَشَايِخِ شَيْخًا أَرْشَدَ مِنْ بِشْرٍ وَأَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ مِنْ بِشْرٍ الَّذِي كَفَرَ بِرَبٍّ قَالَ قَوْلًا لِشَيْءٍ قَطُّ: كُنْ فَكَانَ؟، وَهَذَا المَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ المَعْرُوف فِي كُلِّ مِصْرٍ: أَنَّ الله لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ قَطُّ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهَا قَطُّ، فَسُؤَالُكَ بِشْرًا عَن هَذِه الآيَة من بين المَشَايِخِ؛ دَلِيلٌ مِنْكَ عَلَى الظِّنَّةِ وَالرَّيْبَةِ القَدِيمَةِ، وَأَنَّكَ لَمْ تَسْألْهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَمِيرٍ مُتَقَدِّمٍ، أَفَلَا سَألتَ عَنْهُ مَنْ أَدْرَكْتَ مِنَ المَشَايِخِ، مِثْلَ أَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015