وَشَنَعِهَا عِنْدَكَ، كَانَ أَوْلَى بِكَ مِنْ أَنْ تَسْتَنْكِرَهَا وَتُكَذِّبَ بِهَا، ثُمَّ تُفَسِّرُهَا ثَانِيَةً كَالمُثْبِتِ لَهَا عَلَى وُجُوهٍ وَمَعَانٍ مِنَ المُحَالِ وَالضَّلَالِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا أَحَدٌ مِنَ العَالَمِينَ.
فَادَّعَيْتَ أَنَّ مِنْ تِلْكَ المُنْكَرَاتِ؛ مَا رَوَى أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «خَلَقَ الله المَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ، قُلْتَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ شعر الذراعين، والصدر» (?).
فيُقال لِهَذَا المُعَارِضِ: إِذَا كَانَ هَذَا الحَدِيثُ عِنْدَكَ مِنَ المُنْكَرَاتِ الَّتِي تَتْرُكُ مِنْ أَجْلِهِ جُلَّ الرِّوَايَاتِ، فلِم فَسَّرْتَهُ كَأَنَّكَ تُثْبِتُهُ؟
فَقُلْتَ: تَأْوِيلُهُ عِنْدَنَا مُحْتَمَلٌ عَلَى مَا يُقَالُ فِي أَسْمَاءِ النُّجُومِ الَّذِي يُسَمَّى مِنْهَا الذِّرَاعُ وَالجَبْهَةُ.
وَيْحَكَ أَيُّهَا المُعَارِضُ! اسْتَنْكَرْتَ الحَدِيثَ، وَتَفْسِيرُكَ أَنْكَرُ مِنْهُ!!
أَخَلَقَ الله المَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ النُّجُومِ، وَشُعُورِهَا الَّتِي يُسمى الذِّرَاع وَالجَبْهَة، أَمْ لِلنُّجُومِ شُعُورٌ فَيُخْلَقُ مِنْهَا المَلَائِكَةُ؟ لَقَدْ أَغْرَبْتَ بِهَذَا التَّفْسِير عَلَى جَمِيعِ