وأما القول بالتخصيص حالة اقتران الخاص بالعام وتأخره عنه، وبالنسخ في الحالات الأخرى فإنه يشكل خطورة كبيرة على الاحتجاج بالسنة الآحادية. ذلك: أن حالات اختلاف حكم العام والخاص أربع، والنسخ يشترط العلماء فيه التساوي على الأقل بين الناسخ والمنسوخ في القوة، ويعتبرون أن السنة الآحادية لا تساوي قوته قوة الكتاب والسنة المتواترة، فمعنى هذا أن السنة الآحادية تتأثر في الاحتجاج بها سلبيا في ثلاث حالات من أربع وهذه الحالات الثلاث تشكل معظم اختلاف حكم الخاص والعام.
فإذا علمنا أن اختلاف حكم العام والخاص يشغل مساحة واسعة من الأدلة الشرعية، وأن الكثير من الأدلة الخاصة من السنة الآحادية علمنا أن استبدال النسخ بالتخصيص في تلك الحالات الثلاث يفضي إلى تعطيل كثير من الأدلة الممثلة في السنة الآحادية بعدم الأخذ بما تأتى به من الأحكام الناتج من عدم التخصيص بها.
ومن هنا جاء ترجيح التخصيص فيما مضى في هذه الحالات الثلاث دفعا لهذا التعطيل، وإعمالا للأدلة، وحفاظا عليها، وتمسكا بالسنة الآحادية بقدر الإمكان كما ينبغي.