فدلت اللغة العربية على أن ما قيد في موضع وأطلق في آخر يراد بذلك المطلق ذلك المقيد، وهذا هو حمل المطلق على المقيد، فيكون عدم الحمل مخالفة للغة1.
وأجيب عن هذا الدليل:
بأن البحث يدور في حمل المطلق على المقيد لمجرد ورودهما دون أن يقوم دليل على التقييد، ودون أن تنتصب قرينة تعين القيد.
وما ذكر قد قام فيه دليل التقييد، وانتصبت قرينة التعين، فنأى بذلك عن محل البحث.
ففي الآيتين الكريمتين دل العطف فيهما على التقييد وتعين القيد بما يقتضيه من المشاركة في الحكم المتمثل فيهما بالتقييد بما تقيد به المعطوف عليه. الحافظين والذاكرين في الآية الكريمة الأولى، واليمن في الآية الكريمة الثانية.
وكذلك في البيت المذكور حيث عطف المخاطب المقيد بالرضا على المتكلمين المطلقين عنه، فدل على تقيد الأول بما تقيد به الثاني.
ثم إن البحث يدور حول مطلق ومقيد وردا في نصين مستقلين. وما ذكر لا يستقل فيه المطلق عن المقيد، بل وردا في كلام واحد وبهذا أيضا يكون الدليل بمنأى عن محل البحث2.
3 - أن المطلق ساكت عن القيد فيحتمل أن يكون مرادا والسكوت عدم، فلا يدل على إثبات القيد ولا ينفيه. والمقيد ناطق بالقيد فلا يحتمل عدم إرادته وإذا تقابل السكوت والنطق كان الناطق حريا أن يجعل أصلا يبنى عليه الساكت، إذ يكون كالمفسر له. فكان المقيد حريا أن يبنى عليه المطلق ويكون مبينا للمراد منه3.
وقد أجيب عن هذا الدليل:
بأن حمل أحد الدليلين على الآخر إنما يصار إليه عند التنافي بين مدلوليهما وذلك إنما يتأتى عند اتحاد مفادهما. ونظرا لعدم الاتحاد في هذا المفاد بين المطلق والمقيد لجواز إفادة