حمل المطلق على المقيد
معنى الحمل:
هو أن يكون المقيد بيانا للمطلق، فيراد بالمطلق الذي ورد في نص المقيد الذي ورد في نص آخر، فيقلل من شيوع وانتشار المطلق.
فمثلا ورد لغة (رقبة) في نص مطلقا، وفي نص آخر مقيداً بالإِيمان (رقبة مؤمنة) فإذا حملنا المطلق على المقيد يكون المقيد بيانا للمطلق بمعنى أن المقيد وهو الرقبة الذي ورد في نص بين أن المراد من المطلق وهو (رقبة) الوارد في النص الآخر رقبة مؤمنة أيضا وورود لفظ مطلقا في نص ومقيدا في نص آخر يحتمل حالات عدة، اتفق العلماء على حمل المطلق على المقيد في بعض منها، كما اتفقوا على عدم الحمل في بعض آخر، واختلفوا في الحمل وعدمه في حالات أخرى.
الحالة الأولى: اتحاد الحكم والسبب1:
مثاله قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} 2. وقوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِير} 3.
فقد ورد لفظ الدّم مطلقا في الآية الكريمة الأولى وورد مقيدا بكونه مسفوحا في الآية الكريمة الثانية والحكم فيهما واحد وهو التحريم كما أن السبب وهو ما في الدم من الإيذاء والمضرة واحد فيهما أيضا. ففي مثل هذه الحالة اتفق العلماء على حمل المطلق على المقيد، ولذا اتفقوا على أن الدم المحرم بموجب الآيتين إنما هو الدم المسفوح4.
وقد استدل العلماء لحمل المطلق على المقيّد في هذه الحالة (حالة اتحاد الحكم والسبب) بأن هذا الحمل فيه جمع بين الدليلين المطلق والمقيد؛ لأن العمل بالمقيد يلزم منه العمل بالمطلق، ذلك أن المطلق جزء من المقيد، إذ المقيد مركب من جزئين المطلق جزئه الأول، والمقيد جزئه الثاني، فمثلا ٍ {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَة} مقيد قيدت الرقبة بوصف وهو الإيمان وهذا المقيد