أخرى، فإن التمثيل للمغير وغير المغير بهذين المثالين قد يدخل في الروع رجوع هذا المذهب إلى المذهب القائل بكون نقص الجزء نسخا دون الشرط، ولكن إذا لوحظ أن المغير أعم من الركن والشرط وكذلك غير المغير إذا غض النظر عما يلازمهما، يتلاشى وهم هذا الرجوع، إذ الشرط إذا ثبت تغيير نقصه للمنقوص منه يكون نسخا عند هذا المذهب دون المذهب الآخر.
وقبل أن نغادر هذا الموطن لابد من العودة إلى الدليل الأول من أدلة المذهب الثاني
القائل بالنسخ مطلقا والذي تمثل دليله في أن المنقوص منه إذا كان واجبا، فإن نقص الجزء أو الشرط يرفع حرمته بدونهما قبل النقص.
وسبب العودة إليه هو أن هذا الدليل وإن أجيب عنه غير أن الجواب عنه قد دفع مما يجعل الدليل ناهضا، ومعنى نهوض الدليل قيام المذهب، وربما ترجيحه، وبإنعامِ النظر في دفع الجواب يتبين أنه يعود إلى جعل النقص مغيرا لإِثبات النسخ له، مما يجعل مآله راجعا إلى هذا المذهب.
وبهذا يظهر لي رجحان هذا المذهب القائل بالنسخ عند التغيير وعدمه عند عدمه. والله أعلم.