بل النقص من دون ذلك الجزء، لأن ذلك الجزء" كان داخلا في ماهية الكل محققا مع الأجزاء الأخرى لحقيقته. وبالنقص أصبح مجزئا بدونه فارتفع عدم الإِجزاء. وهو حكم شرعي إن كان الكل مطلوبا شرعا فيكون رفعه نسخا.
وأما الشرط فإنه تابع للمشروط خارج عن ماهيته.
ونسخ التابع لا يكون نسخا للمتبوع لأنهما كيانان. فإذا ارتفع أحدهما لمقتض اقتصر عليه، لا يقتضي ذلك ارتفاع الآخر لأن رابطة الشرطية مهما قويت لا تنفي التغاير بين الشرط والمشروط1.
قد أجيب عن هذا الدليل:
بأن نسخ الباقي لو تصور فإنما يتصور بالنسبة لإِجزائه أو عدم إِجزائه، ولا فرق بين الجزء والشرط في توقف هذا الإجزاء عليهما واعتداده بهما. كما أنه لا فرق بينهما في زوال اعتباره شرعا بفقدانهما.
ولو أنعم النظر فإنه يصل إلى أن مآل الجزء فيما ذكر من الإجزاء وعدمه إلى الشرط، لأن الجزء قبل النقص كان شرطا أيضا بالنسبة للباقي، حيث إنه خارج عنه، واعتداده موقوف عليه وما الشرط إلا هذا2.
هذا الجواب بناء على تسليم كون الإِجزاء أو عدمه حكما شرعيا. وهناك من لم يسلم ذلك فأجاب عن الدليل بجواب ثان مفاده:
أن الإِجزاء عبارة عن موافقة الأمر وعدم القضاء وموافقة الأمر نسبة عدمية بين الفعل والأمر لأنهما عبارة عن عدم المطالبة به، وعدم القضاء عبارة عن عدم ورود نص بطلبه، فانتفى عن الإِجزاء وعدمه أن يكونا حكمين شرعيين لأمرين:
أحدهما: عدميتهما. والحكم الشرعي إنما هو حكم الله تعالى الوجودي المتعلق على وجه خاص.
ثانيهما: أنهما عبارتان عن النسبة وعدمها، والنسب أو عدمها ليست أحكاما شرعية، فلا يكون رفعها نسخا3.