فنقول: أمّا رفع الأصوات في المساجد، فقد كان في الصَّدر الأول، ثُمَّ نسخ (?) ، وبالناسخ أخذ أئمة المذاهب الحقَّة، قال في «شرح العقيلة» (?) للحافظ السخاوي ما نصه: «قد كان لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضجة بتلاوة القرآن، حتى أمرهم بخفض أصواتهم؛ لئلا يغلط بعضهم بعضاً» ا. هـ.

ومصداق قول الحافظ: ما رواه الإمام أبو داود عن أبي سعيد الخدري، حيث قال: «اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف السِّتر، وقال: ألا إنَّ كلكم مناج لربِّه، فلا يؤذ بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض بالقراءة» (?) ا. هـ.

وورد: «يا علي! لا تجهر بقراءتك ولا بدعائك، حيث يصلِّي الناس، فإنَّ ذلك يفسد عليهم صلاتهم» (?) ، وما خرجه القرطبي (?) عند قوله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] ؛ ورفعها بما قاله - صلى الله عليه وسلم -: «جنِّبوا مساجدَكم صبيانَكم، ومجانينَكم، وسلَّ سيوفِكم، وإقامةَ حدودكم، ورفعَ أصواتكم، وخصوماتكم، وجمِّروها في الجمع، واجعلوا على أبوابها المطاهر» (?) ا. هـ من «حاشية الجمل» ، وقريب منه ما في ابن ماجه (?) ، وكون مالك يوجد له قول بجواز رفع الأصوات في المساجد في حيز المنع؛ لأنه -رضي الله عنه- من أشدِّ الناس اتباعاً للسُّنَّة المصطفوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015