ونفسُه قد وُسِمَتْ بالغيرة ... وكان لا يخشى الطغاةَ غَيْرَهْ
صلاحهُ وفضلهُ مذكورُ ... وفِعْلُهُ بين الورى مشكورَ
وطمحت همته للشرقِ ... فسارَ يطوي البيدَ مثلَ البرقِ
فاحتلّ في تونس مُلكاً واحترام ... بالجدّ للتركِ بمصرَ واعتزمْ
وعندما في السّيرِ للشرق اجتهد ... وَجَدّ في السيرِ إليهِ وشَهَدْ
خَلّفَ في البيضاءَ منصورَ الجميلْ ... حاقده مُسّكِت تجميلّ جميلْ
فقام باللأمرِ وما استبَدّا ... وأمر جدّه عليّ تبدا
وفي تلمسان أبو عنان ... قامَ عليهِ مطلق العنان
وجاءَ بالعّدةِ والعديد ... من حينهِ للبلدَ الجديدِ
فحاصرَ الحافِرَ فيها دَهْرا ... ثم احتوى عليهِ فيها قهرا
واستوسوق المُلْك لخَير فارسِ ... لست الوغى بدر المعالي فارسُ
رب الجمال البارع الرّواءِ ... من قسَمَ العدل على استّواء
مُستوجب المدحة بالأعلامِ ... إذْ كان في العلم مِن الأعلامِ
حضرتُه حل بها الأماثلْ ... إذْ فخرها ما إنْ له مماثلْ
بها بنو الملك أقاموا في اعتزاز ... وسُلّ سيفُ البذل فيها باهتزاز
وَجَمَعَت أهلَ العلومِ بالفنون ... ولم يزل ذاك إلى وقع المثون
ولم يكن بعلمه مختالا ... وماتَ في ححضرتهِ مُغتالا
ووبُويع النجلُ أبو زيّانِ ... وبُويع السعيد بالعِيَانِ
قاما بيومٍ واحدٍ في الحَضرة ... كلاهما مُحمل بالبصرة
فتحت البيعة للسُعيدِ ... مِنْ يومِه بالجندِ في المعيدِ
وذاكَ من قبل بلوغ الأَحتلامْ ... ودبّر الملكَ الوزير للغلامْ
ولمْ يُرد السّعيدِ أجملْ ... وخلفُه بِحُسنهِ مُكَمّلُ
عهدي بهِ بمقعدِ الأحكامِ ... يأتي بحكم محكم الأحكامِ
وأتقنَ الخطّ وحاز النبلا ... والنحو مِنْهُ ذكرهُ لا يَبْلا
وحفظ القرآن عند الحَفَظَة ... والبحرُ بعد الغرق منه لفظه
وبويع العمّ بدار العرضِ ... خالط نَفلْ بذلهِ بالغرضِ
وهو أبو سالم الملك الجواد ... مَنْ بيّض الإعطاء في طير السّوادْ
مجهّز الأملاك عِند النصر ... لملكهم منهم سليلَ نَصْر
يُوصفُ في الأملاك بالحياء ... وجودهُ أربى على الأعياءِ
غير غروٍ أبانَ عَن إدراكِ ... واصطادَ عِلمَ النجم بالإشراكِ
وحاز في التعديلِ بالاسطرلاب ... ما حاز في الفقهِ سليل الجلابْ
وكان في مبادئ الحسابِ ... مِن أهلهِ الأعلام بالأنساب
وهو الذي أفردهُ الخميسُ ... حتى أبان موتَهُ الخميسُ
فرحمةُ الّله عليهِ دائمة ... ما النفسُ في حُزْنٍ عليه هائمة
وبويعَ السلطانُ تاشفين ... ذاك الذي بأرضنا دفين
وبايعوا مُحَمَداً بالملك ... إذ كان منظوما بهذا السّلك
وهو قتيل القومِ عند السّانيةِ ... ذاك الذي رُمي بها علانية
وقام بالأمر أخو التشمير ... عبد العزيز مذهب التدمير
مجانب الفسقِ مُحِب الطّاعة ... ومذهب الفجورِ باستطاعة